اليقين - السيد ابن طاووس - الصفحة ٢٦٢
عليه السلام مع عرفطة وقد تقلد بسيفه وتبعه أبو سعيد الخدري وسلمان الفارسي رضي الله عنهم.
قالا: نحن اتبعناها إلى أن صارا إلى واد، فلما توسطاه نظر إلينا علي عليه السلام فقال: قد شكر الله سعيكما فارجعا. فقمنا ننظر إليهما، فانشقت الأرض ودخلا فيها وعادت إلى ما كانت. ورجعنا وقد تداخلنا من الحسرة والندامة ما الله أعلم به كل ذلك تأسفا على علي عليه السلام.
وأصبح النبي صلى الله عليه وآله وصلى بالناس الغداة ثم جاء وجلس على الصفا وحف به أصحابه وتأخر علي عليه السلام وارتفع النهار وأكثر الناس الكلام، إلى أن زالت الشمس وقالوا: إن الجن احتال على النبي صلى الله عليه وآله وقد أراحنا الله من أبي تراب وذهب عنا افتخاره بابن عمه علينا وأكثروا الكلام إلى أن صلى النبي صلى الله عليه وآله صلاة الأولى وعاد إلى مكانه وجلس على الصفا وما زال أصحابه في الحديث إلى أن وجبت صلاة العصر وأكثر القوم الكلام وأظهروا اليأس من أمير المؤمنين عليه السلام وصلى بنا النبي صلى الله عليه وآله صلاة العصر وجاء وجلس على الصفاء وأظهر الفكر في علي عليه السلام وظهرت شماتة المنافقين بعلي عليه السلام.
فكادت الشمس تغرب وتيقن القوم أنه هلك، إذ انشق الصفا وطلع علي عليه السلام منه وسيفه يقطر دما ومعه عرفطة. فقام النبي صلى الله عليه وآله فقبل ما بين عينيه وجبينه فقال له: ما الذي حبسك عني إلى هذا الوقت؟
فقال: صرت إلى خلق كثير قد بغوا على عرفطة وقومه الموافقين، ودعوتهم إلى ثلاث خصال فأبوا علي ذلك: دعوتهم إلى الإيمان بالله تعالى والإقرار بنبوتك ورسالتك فأبوا، فدعوتهم إلى الجزية فأبوا، وسألتهم أن يصالحوا عرفطة وقومه فيكون بعض المرعى لعرفطة وقومه وكذلك الماء فأبوا.
فوضعت سيفي فيهم وقتلت منهم رهطا ثمانين ألفا. فلما نظر القوم إلى ما حل
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»