2 - ومنها: ما قال أبو هاشم (1): إن أبا محمد عليه السلام ركب يوما إلى الصحراء فركبت معه، فبينا نسير، وهو قدامي وأنا خلفه، إذ عرض لي فكر في دين - كان علي - قد حان أجله، فجعلت أفكر من أي وجه قضاؤه.
فالتفت إلي فقال: يا أبا هاشم! الله يقضيه. ثم انحنى على قربوس (2) سرجه فخط بسوطه خطة في الأرض وقال: أنزل، فخذ، واكتم.
فنزلت فإذا سبيكة ذهب قال: فوضعتها في خفي وسرنا، فعرض لي الفكر.
فقلت: إن كان فيها تمام الدين، وإلا فإني أرضي صاحبه بها، ويجب أن ننظر الآن في وجه نفقة الشتاء، وما نحتاج إليه فيه من كسوة وغيرها.
فالتفت إلي، ثم انحنى ثانية، وخط بسوطه خطه في الأرض مثل الأولى، ثم قال: انزل، فخذ، واكتم.
قال: فنزلت، وإذا سبيكة فضة، فجعلتها في خفي الآخر، وسرنا يسيرا، ثم انصرف إلى منزله، وانصرفت إلى منزلي، فجلست، فحسبت ذلك الدين، وعرفت مبلغه، ثم وزنت سبيكة الذهب، فخرجت بقسط ذلك الدين، ما زادت ولا نقصت؟
ثم نظرت فيما نحتاج إليه لشتوتي من كل وجه، فعرفت مبلغه الذي لم يكن بد منه على الاقتصاد، بلا تقتير (3) ولا إسراف، ثم وزنت سبيكة الفضة، فخرجت على ما قدرته ما زادت ولا نقصت! (4).