البراري، فانتهيت إلى واد قفر، وجنني الليل، فآويت إلى شجرة، فلما اختلط الظلام إذا أنا بشاب عليه أطمار (1) بيض، قلت:
هذا ولي من أولياء الله متى ما أحس بحركتي خشيت نفاره، فأخفيت نفسي فدنا إلى موضع، فتهيأ للصلاة، وقد نبع له ماء، ثم وثب قائما يقول:
" يا من حاز كل شئ ملكوتا، وقهر كل شئ جبروتا، صل على محمد وآل محمد، وأولج قلبي فرح الاقبال إليك (2) وألحقني بميدان المطيعين لك ".
ودخل في الصلاة، فتهيأت أيضا للصلاة، ثم قمت خلفه، وإذا بمحراب مثل في ذلك الوقت قدامه، وكلما مر بآية منها الوعد والوعيد يرددها بانتحاب وحنين فلما تقشع الظلام قام، فقال: " يا من قصده الضالون فأصابوه مرشدا، وأمه الخائفون فوجدوه معقلا، ولجأ إليه العائدون فوجدوه موئلا (3).
متى راحة من نصب لغيرك بدنه؟! ومتى فرح من قصد سواك بهمته (4)؟!
إلهي قد انقشع الظلام ولم أقض من خدمتك وطرا، ولا من حياض مناجاتك صدرا صل على محمد وآل محمد، وافعل بي أولى الامرين بك ".
[ونهض] فعلقت به، فقال: لو صدق توكلك ما كنت ضالا، ولكن اتبعني واقف أثري.
وأخذ بيدي، فخيل إلي أن الأرض تميد (5) من تحت قدمي.
فلما انفجر عمود الصبح قال: هذه مكة.