فقال ابن عباس لمروان: انصرفوا، لا نريد دفن صاحبنا عند رسول الله، فإنه كان أعلم [وأعرف] بحرمة قبر [جده] رسول الله من أن يطرق عليه هدما، كما يطرق ذلك غيره (1)، ودخل بيته بغير إذنه، انصرف فنحن ندفنه بالبقيع كما وصى (2).
ثم قال لعائشة: وا سوأتاه يوما على بغل، ويوما على جمل.
وفي رواية يوما تجملت، ويوما تبغلت، وإن عشت تفيلت.
فأخذه ابن الحجاج الشاعر البغدادي فقال:
يا بنت أبي بكر (3) لا كان، ولا كنت * لك التسع من الثمن وبالكل تملكت (4) تجملت تبغلت وإن عشت تفيلت.
بيان: قوله لك التسع من الثمن إنما كان ذلك في مناظرة فضال بن الحسن بن فضال الكوفي مع أبي حنيفة.
فقال له الفضال قول الله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم) * (5) منسوخ أو غير منسوخ؟ قال: هذه الآية غير منسوخة.
قال: ما تقول في خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله أبو بكر وعمر؟ أم علي بن أبي طالب عليه السلام؟ فقال: أما علمت أنهما ضجيعا رسول الله صلى الله عليه وآله في قبره، فأي حجة تريد أوضح في فضلهما من هذه؟
فقال له الفضال: لقد ظلما [إذ أوصيا] بدفنهما في موضع ليس لهما فيه حق، وإن كان الموضع لهما فوهباه لرسول الله صلى الله عليه وآله لقد أساءا إذا رجعا في هبتهما، ونكثا عهدهما وقد أقررت أن قوله تعالى * (لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم) * غير منسوخة