أصحاب الكهف ففعل، فلما نزلوا هناك سلم عليهم أبو بكر وعمر وعثمان فلم يردوا عليهم، ثم قام القوم الآخرون كلهم فسلموا، فلم يردوا عليهم أيضا.
فقام علي عليه السلام فقال: السلام عليكم يا أصحاب الكهف والرقيم الذين كانوا من آياتنا عجبا. (1) فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أبا الحسن.
فقال أبو بكر: سل القوم ما لنا (2) سلمنا عليهم ولم يجيبوا؟ فسألهم علي عليه السلام فقالوا: إنا لا نكلم إلا نبيا أو وصي نبي، وأنت وصي خاتم الأنبياء.
ثم قال علي عليه السلام: يا ريح احملينا.
قالوا: فإذا نحن في الهواء، فلما أن كان في جوف الليل، قال علي عليه السلام:
يا ريح ضعينا. ثم قام فركض برجله، فإذا نحن بعين ماء، فتوضأ، ثم قال: فتوضأوا فإنكم مدركون بعض صلاة الصبح مع (3) رسول الله صلى الله عليه وآله.
ثم قال: يا ريح احملينا. فأدركنا آخر ركعة مع رسول الله صلى الله عليه وآله.
فلما أن قضينا ما سبقنا به، التفت إلينا وأمرنا بالاتمام. فلما فرغنا قال: يا أنس أحدثكم أو تحدثونا؟ قلت: يا رسول الله من فيك أحسن.
فحدثنا كأنه كان معنا، ثم قال: إشهد بهذا لعلي يا أنس.
قال أنس: فاستشهدني علي عليه السلام وهو على المنبر، فداهنت في الشهادة.
فقال: إن كنت كتمتها مداهنة من بعد وصية رسول الله صلى الله عليه وآله، فأبرصك الله، وأعمى عينيك، وأظمأ جوفك. فلم أبرح من مكاني حتى عميت وبرصت.
وكان أنس لا يستطيع الصوم في شهر رمضان ولا في غيره من شدة الظماء وكان يطعم في شهر رمضان كل يوم مسكينين حتى فارق الدنيا وهو يقول:
هذا من دعوة علي. (4)