كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٦٨
عضوا ممسوحا غير محدود وهو الرأس وعطفه عليه من الأرجل بممسوح محدود فتقابلت الجملتان من حيث عطف فيهما مغسول محدود على مغسول وغير محدود وممسوح محدود على ممسوح غير محدود فاما من ذهب إلى التخيير وقال انا مخير في أن امسح الرجلين وأغسلهما لأن القراءتين تدل على الامرين كليهما مثل الحسن البصري والجبائي ومحمد بن جرير الطبري ومن وافقهم فيسقط قولهم بما قدمناه من أن القراءتين لا يصح ان تدلا إلا على المسح وانه لا حجة لمن ذهب إلى الغسل وإذا وجب المسح بطل التخيير وقد احتج الخصوم لمذهبهم من طريق القياس فقالوا ان الأرجل عضو يجب فيه الدية امرنا بايصال الماء إليه (فوجب ان يكون مغسولا كاليدين وهذا احتجاج باطل وقياس فاسد لأن الرأس عضو يجب فيه الدية وقد امرنا بايصال الماء إليه) وهو مع ذلك ممسوح ولو تركنا والقياس لكان لنا منه حجة هي أولي من حجتهم وهي ان الأرجل عضو من أعضاء الطهارة الصغرى يسقط حكمه في التيمم فوجب ان يكون فرضه المسح دليله الرأس فإن قالوا هذا ينتقض عليكم بالجنب لان غسل جميع بدنه وأعضائه يسقط في التيمم وفرضه مع ذلك الغسل وقد احترزنا من هذا بقولنا ان الأرجل عضو من أعضاء الطهارة الصغرى فلا يلزمنا بالجنب نقض على هذا فإن قال قائل فما تصنعون في الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه وآله انه توضأ فغسل وجهه وذراعيه ثم مسح رأسه وغسل رجليه وقال هذا وضوء الأنبياء من قبلي هذا الذي لا تقبل الصلاة إلا به قيل هذا الخبر الذي ذكرته مختلط من وجهين رواهما أصحابك أحدهما ان النبي صلى الله عليه وآله توضأ مرة مرة وقال هذا الذي لا يقبل الله صلاة إلا به ولم يأت في الخبر كيفية الوضوء والاخر ان النبي صلى الله عليه وآله غسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ومسح رأسه وغسل رجليه إلى الكعبين فقال هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي ولم يقل لم يقبل الله صلاة إلا به فخلطت روايتك أحد الخبرين بالآخر لبعدك من معرفة الأثر وبعد فلو كانت الرواية على ما اوردته لم يكن لك فيها حجة لأن الخبر إذا خالف ما دل عليه القرآن وجب اطراحه والمصير إلى القرآن دونه ولو سلمنا لك باللفظ الذي تذكره بعينه كان لنا ان نقول إن النبي صلى الله عليه وآله مسح رجليه في وضوئه ثم غسلهما بعد المسح لتنظيف أو تبريد أو نحو ذلك مما ليس هو داخلا في الوضوء فذكر الراوي الغسل ولم يذكر المسح الذي كان قبله أما لأنه لم يشعر به لعدم تأمله أو لنسيان اعترضه أو لظنه ان المسح لا حكم له وان الحكم للغسل الذي بعده أو لغير ذلك من الأسباب وليس هذا بمحال فإن قال فقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال ويل للأعقاب من النار فلو كان ترك غسل العقب في الوضوء جائزا لما توعد على ترك غسله قلنا ليس في هذا الخبر ذكر مسح ولا غسل فيتعلق به ولا فيه أيضا ذكر وضوء فنورده لنحتج به وليس فيه أكثر من قوله ويل للأعقاب
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»