فيعطب أو يخالف فيسلم كان الأول تعريضا للخير واحسانا إلى العبد سواء علم من حاله انه يقبل فيسلم أو يخالف فيعطب وهذا باب يجب ان يتأيد فيه المتأمل ويكرر فيه الاطلاع فإنه يعلم الحق فيه ان لم يكن معه هوى يضل عنه والحمد لله (فصل) في ذكر سؤال ورد إلي من السائل وجوابي عنه في صحة العبادة بالحج بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الهادي إلى الرشاد العالم بمصالح العباد ذي الحكمة البالغة والنعمة السابغة وصلواته على من أزاح به العلل وأوضح منار السبل سيد الأولين والآخرين محمد خاتم النبيين وعلى آله الأئمة الطاهرين سئلت أيدك الله عن الحج ومناسكه وصحة الامر وأسباب ذلك وعلله ورغبت في اختصار جواب يكشف لك حقيقة الصواب تعول عليه في الاعتقاد وتحسم به مواد الفساد وتعده للخصوم عند السؤال وتدفع به تعجب أهل الكفر والضلال وقد أوردت من ذلك ما اقتضاه الامكان لضيق الزمان وعلي ترادف الاشغال وهو مقنع في معناه لمن تدبره وفهم فحواه إن شاء الله اعلم أن اختلاف العبادات مبني على العلوم عند الله تعالى من مصالح العباد وليس للمكلفين طريق للعلم بتفاصيل هذه المصالح ولا فرض الله سبحانه عليهم ذلك ولو فرضه لنصب لهم دليلا على العلم به فالذي يجب اعتقاده هو ان المكلف الامر عدل حكيم لا يقع منه الخلل ولا يكلف العبث ولا يرسل إلى خلقه من يجوز منه الكذب والامر باللعب فإذا ثبت هذا الأصل لزم امتثال أوامر الحكيم الواردة على يد الصادق الأمين والاعتقاد ان ايراده منها إنما هو طاعته في العمل بها وانه لم يأمر بها دون غيرها إلا لعلمه بمصالح خلقه فيها وتعريضه لهم بتكليفها إلى منزلة الاستحقاق ونفاستها ليثبت من اطاعه فيها بالنعيم الدائم عليها وليس جهل العبد بمعرفة هذه المصالح على تفاصيلها مفسدا لما عمله من حكمة الامر بها وصدق المؤدي عنه لها كما أنه ليس عدم علمنا بعلل تباين الناس في أفعالهم وأسباب اختلاف ما مع الصناع من آلاتهم موجبا علينا القطع على لعبهم وعبثهم واعتقاد جهلهم ونقصهم فهذا أصل الكلام فيما خار الله تعالى وأمر عليه والمدار في الحجاج والنظر ومن اتقنه استعان به في مسائل اخر وقد سئل أحد الملاحدة مولانا جعفر بن محمد الصادق
(٢١٩)