بحسب دلالته على حظره وباستحالة اجتماع الفعل وتركه يقتضي صحة النهي العقلي عن ضد ما أمر به وإذا ورد الامر بلفظ المذكر مثل قوله يا أيها الذين آمنوا ويا أيها المؤمنون والمسلمون وشبهة فهو متوجه بظاهره إلى الرجال دون النساء ولا يدخل تحته بشئ من الإناث إلا بدليل سواه فاما تغليب المذكر على المؤنث فإنما يكون بعد جمعهما بلفظهما على التصريح ثم يعبر عنهما من بعده بلفظ المذكر ومتى لم يجر للمؤنث ذكر بما يخصه من اللفظ فليس يقع العلم عند ورود لفظ المذكر بان فيه تغليبا إلا أن يثبت ان المتكلم قصد الإناث والذكور معا بدليل فاما الناس فكلمة تعم الذكور والإناث (واما القوم فكلمة تعم الذكور بدل الإناث) وإذا ورد الامر مقيدا بصفد يخص بها بعض المكلفين فهو مقصور على ذي الصفة غير متعدية إلى غيره الا بدليل كقوله تعالى * (يا أيها المدثر قم فانذر) * المدثر وإذا ورد بصفة تتعدى المذكور إلى غيره من المكلفين كان متوجها إلى سائرهم على العموم إلا ما خصه الدليل كقوله جل وعز * (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) * الطلاق والامر بالشئ لا يكون إلا قبله لاستحالة تعلق الامر بالموجود والامر متوجه إلى الطفل بشرط البلوغ وكذلك الامر للمعدوم بشرط وجوده وعقله الخطاب ويصح أيضا توجه الامر إلى من يعلم من حاله انه يعجز في المستقبل عما أمر به (أو يحال بينه وبينه أو يختر من دونه لما يجوز في ذلك من مصلحة المأمور في اعتقاده فعل ما أمر به) واللطف له في استحقاقه الثواب على نيته وامكان استصلاح غيره من المكلفين بأمره فاما خطاب المعدوم والجمادات والأموات فمحال والامر أمر بعينه ونفسه فاما النهى فله صورة في اللسان محققه يتميز بها عن غيره وهي قولك لا تفعل إذا ورد مطلقا والنهى في الحقيقة لا يكون منك إلا لمن دونك كالأمر والنهى موجب للترك المستدام ما لم يكن شرط يخصه بحال أو زمان فاما الخبر فهو ما أمكن فيه الصدق والكذب وله صيغة مبنية يتفصل بها مما يخالفه في معناه وقد يستعار صيغته فيما ليس بخبر كما يستعار غيرها من صيغ الحقائق فيما سواه على وجه الاتساع والمجاز قال الله عز وجل * (ومن دخله كان آمنا) * هو من الآية آل عمران فهو لفظ بصيغة الخبر والمراد به الامر بان يؤمن من دخله والعام في معنى الكلام ما أفاد لفظه اثنين فما زاد والخاص ما أفاد واحدا دون ما سواه لأن أصل الخصوص التوحيد واصل العموم الاجتماع وقد يعبر عن كل واحد منها بلفظ الأخر تشبها وتجوزا قال الله تعالى * (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) * الحجر فعبر عن نفسه سبحانه وهو واحد بلفظ الجمع وقال سبحانه * (الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا ونعم الوكيل) * آل عمران وكان سبب نزول هذه الآية ان رجلا قال لأمير المؤمنين عليه السلام قبل وقعة أحد ان أبا سفيان قد جمع لكم الجموع فقال أمير المؤمنين عليه السلام حسبنا الله ونعم الوكيل فاما اللفظ الخاص المعبر به عن العام فهو كقوله عز وجل * (والملك على ارجائها) * الحاقة وإنما أراد به الملائكة
(١٨٨)