ان آباءه عليهم السلام قد كانوا أيضا في زمان مخافة وأوقات صعبة فلم لم يستتروا كما استتروا وما الفرق بينهم وبينه في هذا الامر قيل له ان خوف امامنا عليه السلام أعظم من خوف آبائه واكثر والسبب في ذلك أنه لم يرو عن أحد من آبائه عليهم السلام انه يقوم بالسيف ويكسر تيجان الملوك ولا يبقى لاحد دولة سواه ويجعل الدين كله لله فكان الخوف المتوجه إليه بحسب ما يعتقد من ذلك فيه وتطلعت نفوس الأعداء إليه وتتبعت الملوك اخباره الدالة عليه ولم ينسب إلى آبائه عليهم السلام شئ من هذه الأحوال فهذا فرق واضح بين المخافتين وبيان فان قال قائل فمن أين لكم ان السبب في الغيبة هو المخافة قيل له قد علم أولا انما ذكرناه من الجائز الممكن الذي ليس لأحد فيه مطعن وفي كونه ممكنا كفاية من اثبات الحجة لنا واسقاط السؤال عنا ثم انا نقول بعد ذلك ان من اطلع في الاخبار وسير السير والآثار علم أن مخافة صاحبنا عليه السلام كانت مذ وقت مخافة أبيه عليه السلام بل كان الخوف عليه قبل ذلك في حال حمله وولادته ومن ذا الذي خفي عنه من أهل العلم ما فعله سلطان ذلك الزمان مع أبيه وتتبعه لاخباره وطرحه العيون عليه انتظارا لما يكون من امره وخوفا مما روت الشيعة أنه يكون من نسله إلى أن اخفى الله تعالى الحمل بالامام عليه السلام وستر أبوه صلوات الله عليه ولادته إلا عمن اختصه من الناس ثم كان بعد موت أبيه وخروجه للصلاة ومضى عمه جعفر ساعيا به لى المعتمد ما كان حتى هجم على داره واخذ ما كان بها من أثاثه ورحله واعتقل جميع نسائه واهله وسئل امه عنه فلم تعترف به وأودعها عند قاضي الوقت المعروف بابن أبي الشوارب ولم يزل الميراث معزولا سنتين ثم ما كان بعد ذلك من الأمور المشهورة التي يعرفها من اطلع في الاخبار المأثورة وهذه كلها من أسباب المخاوف التي نشأت بنشوء الرجل الخائف ثم بترادف الزمان لعظم ذكره على لسان المؤالف والمخالف ومع ذلك فإن النصوص قد نطقت بذكر مخافته كما تضمنت نعت استتاره وغيبته منها ما هو مجمل ومنها ما هو مفصل فرو عن أمير المؤمنين عليه السلام انه ذكر المهدي صلوات الله عليه فقال صاحب هذا الامر هو الشريد الطريد الفريد الوحيد وقال صلوات الله عليه على المنبر اللهم انك لا تخلي الأرض من حجة لك على خلقك ظاهرا موجودا أو خائفا مغمورا كي لا تبطل حججك وبيناتك ومن ذلك قول الإمام الصادق عليه السلام وقد ذكر عنده المهدي صلوات الله عليه فقال إن للغلام غيبة قبل ان يقوم فقال له زرارة ولم قال يخاف على نفسه وقول أبيه الباقر عليه السلام في صاحب هذا الامر أربع سنن من أربعة أنبياء سنة
(١٧٥)