وامرها ان تجعل مهده جانب فراشه وكان يلى أكثر تربيته ويراعيه في نومه ويقظته ويحمله على صدره وكتفه ويحبوه بالطافه وتحفه ويقول هذا أخي وسيفي وناصري ووصيي فلما تزوج النبي صلى الله عليه وآله خديجة عليه السلام اخبرها بوجده بعلي ومحبته فكانت تستزيده فتزينه وتحليه وتلبسه وترسله مع ولائدها ويحمله خدمها فيقول الناس هذا أخو محمد وأحب الخلق إليه وقرة عين خديجة ومن اشتملت السعادة عليه وكانت الطاف خديجة تطرق منزل أبي طالب ليلا ونهارا وصباحا ومساء ثم إن قريشا اصابتها أزمة مهلكة وسنة مجدبة منهكة وكان أبو طالب رضي الله عنه ذا مال يسير وعيال كثيرة فأصابه ما أصاب قريشا من العدم والإضاقة والجهد والفاقة فعند ذلك دعى رسول الله صلى الله عليه وآله عمه العباس فقال له يا أبا الفضل ان أخاك أبا طالب كثير العيال مختل الحال ضعيف النهضة والغرمة وقد ناله ما نزل بالناس من هذه الأزمة وذوو الأرحام أحق بالرفد واولى من حمل محمل الكل في ساعة الجهد فانطلق بنا إليه لنعينه على ما هو عليه فلنحمل عنه بعض اثقاله وتخفف عنه من عياله يأخذ كل واحد منا واحدا من بنيه يسهل عليه بذلك بعض ما هو فيه فقال له العباس نعم ما رأيت و الصواب فيما أتيت هذا والله الفضل الكريم والوصل الرحيم فلقيا أبا طالب فصبراه ولفضل آبائه ذكراه وقالا انا نريد ان نحمل عنك بعض العيال فادفع إلينا من أولادك من يخف عنك به الأثقال قال أبو طالب إذا تركتما لي عقيلا وطالبا فافعلا ما شئتما فاخذ العباس جعفرا واخذ رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام فانتجبه لنفسه واصطفاه لمهم امره وعول عليه سره وجهره وهو مسارع لمرضاته موفق السداد في جميع حالاته وكان رسول الله صلى الله عليه وآله في ابتداء طروق الوحي إليه كلما هتف به هاتف أو سمع من حوله رجفة راجف أو رأى رؤيا أو سمع كلاما يخبر بذلك خديجة وعليا عليهما السلام ويستسرهما هذه الحال فكانت خديجة تثبته وتصبره وكان علي يهنيه ويبشره ويقول له والله يا ابن العم ما كذب عبد المطلب فيك ولقد صدقت الكهان فيما نسبته إليك ولم يزل كذلك إلى أن أمر صلى الله عليه وآله بالتبليغ فكان أول من آمن به من النساء خديجة ومن الذكور أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعمره يومئذ عشر سنين (ومما عملته لبعض الاخوان كتاب الاعلام بحقيقة اسلام أمير المؤمنين عليه السلام) وبه نستعين بسم الرحمن الرحيم الحمد لله ذي الجود والاكرام الهادي إلى شريعة الاسلام وصلاته على خيرته من جميع الأنام سيدنا محمد رسوله وأهل بيته المطهرة من الآثام وسلام من الله على أول السابقين اسلاما وايمانا وأخلص المصدقين اقرارا واذعانا وانصح الناصرين سرا واعلانا
(١١٧)