المسائل العكبرية - الشيخ المفيد - الصفحة ٣٥
موسى 1 عليه السلام الخضر 2 بعد نبوته ليعرف بواطن الأمور، فيما 3 كان يعلمه مما أورده. الله سبحانه بعلمه، من كون ملك يغصب السفن، وكنز في موضع 4 من الأرض، وطفل إن بلغ كفر وأفسد 5، وليس عدم العلم بذلك نقصا ولا شيئا و لا موجبا لانخفاض عن رتبة نبوة 6 وإرسال. وأما إنكاره عليه السلام خرق السفينة وقتل (4 و) الطفل فلم ينكره. على كل حال، وإنما أنكر الظاهر منه يعلم باطن الحال منه. وقد كان منكرا في ظاهر الحال وذلك جار مجرى قبول الأنبياء عليهم السلام شهادات العدول في الظاهر وإن كانوا كذبة في الباطن وعند الله، وإقامة الحدود بالشهادات وإن كان المحدودون براء في الباطن وعند الله. وهذا أيضا مما لا يلتبس 7 الأمر فيه على متأمل له من العقلاء.
المسألة السادسة، وسأل عن تول أمير المؤمنين عليه السلام في دعائه على القاعدين عن نصرته من جنده: " اللهم أبدلني بهم خيرا منهم وأبدلهم بي شرا مني " 8. فقال: ما وجه هذا الكلام ولم يكن عليه السلام شريرا ولا كانوا هم أخيارا؟
وكيف يسأل الله أن يبدلهم به شريرا، والشر ليس من الله؟
والجواب - وبالله التوفيق - أن العرب تصف الانسان بما يعتقده في نفسه وإن كان اعتقاد. ذلك باطلا، وتذكر أنفسها بما هي على خلافه لاعتقاد المخاطب فيها ذلك. ولما ذكرنا نظائر في القرآن وأشعار العرب الفصحاء.
1 - حش، مل: + عليه السلام.
2 - رض. + عليه السلام 3 - في الأصل وحش: فما صححناها عن رض ومل.
4 - " في موضع " ساقطة من رض ومل.
5 - حش: فسد 6 - رض: لانخفاض رتبته عن نبوة.
7 - رض " مل: لا يلبس.
8 - نهج البلاغة، الخطبة 25: اللهم إني قد مللتهم وملوني وسئمتهم وسئموني، فأبدلني بهم خيرا منهم 9 رض، مل: فيه.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»