بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
وبعد: فمن المباحث التي كثر البحث عنها، وظهر الحق فيها لمن توخاه، مبحث الإمامة والرياسة العامة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه من أقدم المباحث الاسلامية، ويرجع تاريخه إلى عصر الرسول صلى الله عليه وآله بل إلى أوايل أزمنة الدعوة والبعثة، ولما نزل قوله تعالى: وانذر عشيرتك الأقربين. وظهر بصورة أهم المباحث الدينية والسياسية في حجة الوداع في غدير خم، وفى مرض موت النبي صلى الله عليه وآله وسم حين دعى بقلم ودواة وتنازعوا في انفاذ امره فرأى بعضهم ذلك إطاعة للنبي الذي لا ينطق عن الهوى ان هو الأوحى يوحى، وقال بعضهم: ما قال! وتجاوز عن حد الأدب وصدر منه مالا ينبغي للمسلم المؤمن بمعنى الرسالة نقله، فضلا عن التكلم به! فوقعت المصيبة العظمى وهي منع الرسول صلى الله عليه وآله عن كتابة وصيته.
ولما ارتحل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى جوار ربه تعالى صار ذلك أكبر مسألة اليوم وموردا للتشاجر، وتدافع الآراء والأهواء، ووقع ما وقع وانقلب تاريخ الاسلام، وتغير مسيره، وآل الامر إلى أن تولى خلافة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وزعامة الأمة أمثال يزيد والوليد وغيرهما من بنى أمية وبنى العباس