وينذرهم عواقب السيئات بما ينزل عليهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر يوم يقوم الناس لرب العالمين.
وبما أن هذه الدعوات الإلهية إلى المعارف الغيبية لا تحتملها علومهم الحسية، كما لا يحتملون مفاجأة الامر الجديد الذي يدعو إلى تغيير سلوك ما كانوا عليه، ولا تطيق إمرة شخص عليهم - من بينهم - دون اختيارهم، فكان على الرسالة السماوية أن تبرهن معجزة ظاهرة وآية باهرة، حتى يكونوا على بينة من أمرهم في تصديق الرسول صلى الله عليه وآله بما أتاهم عن الله تعالى، وينالوا جوابا لما يختلج في نفوسهم وتعارضه أفكارهم بقولهم: (فات بآية إن كنت من الصادقين).
فبعث - الله تعالى - أنبياء امناء إلى الأرض بالآيات البينات، والمعجزات الباهرات ليعرفوا البشرية آفاق الرسالة السماوية، ويبلغوهم المطالب النورانية، ويدعوهم إلى عبادة الواحد الأحد، ونبذ ما كانوا عليه من العبادات والتقاليد السقيمة البالية التي ورثوها.
ومن الضروري أن رسالات الأنبياء لا تختص باثبات وجود الصانع الذي لا تتوقف معرفته على إتيان المعجز والبراهين، لان الانسان السوي ذا الفطرة السليمة إذا نظر في آيات السماوات والأرضين وما بينهما من النبات والحيوان والانسان والماء والهواء وغيرها - خلقا ونظاما - يستدل بفطرته تلك على أن هذه كلها بقدرة حكيم قوي، صانع عليم، لا يقاس علمه وحكمته وقدرته بما يصنعه الانسان -. الذي خلق ضعيفا - مهما بلغ من درجات العلم والكمال فلا يكون إلا كما قال تعالى: " إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب " وقوله: " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ".
وبعد هذه النظرة الواقعية، تنادي الفطرة مستنكرة ومتمثلة بما ذكره تعالى في محكم كتابه: " أفي الله شك فاطر السماوات والأرض " ثم تجيب: لا، بل تسبح له ما في