بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا بلطفه إلى معرفته والايمان به، وعرفنا دينه القويم وكتابه وما أنزله على نبيه صلى الله عليه وآله وحببنا سبيله بجميل إحسانه، وأحيانا على التثبت بحبل أمانته، ووفقنا لخدمة تراث أهل بيت نبيه، وإحياء آثار رسالته.
والصلاة والسلام على من ختم به رسالته، وأكمل به دينه، محمد وآله المعصومين صلى الله عليه وعليهم أجمعين، ورحمته وبركاته المتواصلة على الذين اتبعوهم من المخلصين الأخيار، والموالين للنبي والأئمة الأطهار.
أما بعد: لما كانت المشيئة الإلهية في أن يعمر الأرض ويرثها أفضل خلقه، فقد جعل المولى الحق - وهو الخالق لكل شئ - عبادة الانسان له شرطا لذرئه إياهم فقال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ليكونوا النواة الصالحة للبشرية، والمخلصين لله بعبادته تعالى.
ولما كانت البشرية بحاجة إلى توجيه ورعاية إلهية خالدة، ولئلا تكون لهم الحجة على الله تعالى في معصيته، ولبيان الحقائق الضرورية ومختلف مقومات الحياة، فقد كان على الله تعالى - ومن فضل رحمته على عباده - أن لا يخلي الأرض من خليفة يصطفيه وينتجبه من خيار خلقه، ممن كان طاهر السريرة، عارفا بحقائق الأمور، كفوءا لحمل الرسالة، واعيا لظروف أمته وما تحيط به من السلبيات وشوائب السلف، وخاليا من أية عاهة أو نقص في الجسم والعقل والنسب، لكي لا يكون عرضة للشك والريب، ويستخلفه أمينا على وحيه، حافظا لحدود، متكفلا أداء رسالته مصطبرا على عبادته، صابرا على أذى قومه، يرغبهم في الطاعة ويحذرهم المعصية