خرجت حاجا إلى بيت الله الحرام سنة 149، فنزلنا القادسية (1).
قال شقيق: فنظرت إلى الناس في القباب والعماريات (2) والخيم والمضارب وكل إنسان منهم قد تزين (3) على قدره، فقلت: اللهم إنهم قد خرجوا إليك فلا تردهم خائبين، فبينما أن قائم وزمام راحلتي بيدي وأنا أطلب موضعا أنزل فيه منفردا عن الناس إذ نظرت إلى فتى فتي (4) السن، حسن الوجه، شديد السمرة عليه سيماء العبادة وشواهدها، وبين عينيه سجادة، كأنها كوكب دري، وعليه من فوق ثوبه شملة من الصوف، وفي رجله نعل عربي، وهو منفرد في عزلة من الناس.
فقلت (5) في نفسي: هذا الفتى من هؤلاء الصوفية المتوكلة، يريد أن يكون كلا (1) على الناس في هذا الطريق، والله لأمضين إليه [ولأوبخنه] (7).
قال: فدنوت منه، فلما رآني مقبلا نحوه (8) قال لي:
يا شقيق، " اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا " (9) ثم تركني ومضى، فقلت في نفسي: قد تكلم هذا الفتى على سري ونطق بما في نفسي وسماني باسمي وما فعل هذا إلا هو ولي الله، ألحقه وأساله أن يجعلني في حل