وقال: (اللهم املأ جوفه علما وفهما وحكما). ثم قال لأبي طالب: (يا أبا طالب، اسمع الآن لابنك علي وأطع، فقد جعله الله من نبيه بمنزلة هارون من موسى). وآخى بين الناس وآخى بين علي وبين نفسه.
فلم يدع قيس بن سعد شيئا من مناقبه إلا ذكرها واحتج بها وقال: منهم أهل البيت جعفر بن أبي طالب الطيار في الجنة بجناحين، اختصه الله بذلك من بين الناس، ومنهم حمزة سيد الشهداء، ومنهم فاطمة سيدة نساء العالمين. فإذا وضعت من قريش رسول الله وأهل بيته وعترته الطيبين، فنحن والله خير منكم - يا معشر قريش - وأحب إلى الله ورسوله وإلى أهل بيته منكم.
لقد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله فاجتمعت الأنصار إلى والدي سعد ثم قالوا: (لا نبايع غير سعد). فجاءت قريش بحجة علي وأهل بيته وخاصمونا بحقه وقرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله. فما يعدو قريش أن يكونوا ظلموا الأنصار أو ظلموا آل محمد عليهم السلام.
ولعمري ما لأحد من الأنصار ولا لقريش ولا لأحد من العرب والعجم في الخلافة حق ولا نصيب مع علي بن أبي طالب وولده من بعده.
فغضب معاوية وقال: يا بن سعد، عمن أخذت هذا وعمن رويته وعمن سمعته؟
أبوك أخبرك بذلك وعنه أخذته؟ فقال قيس: سمعته وأخذته ممن هو خير من أبي وأعظم علي حقا من أبي. قال: ومن هو؟ قال: ذاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، عالم هذه الأمة وديانها وصديقها وفاروقها الذي أنزل الله فيه ما أنزل وهو قوله عز وجل:
(قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب). (1) فلم يدع قيس آية نزلت في علي عليه السلام إلا ذكرها.