شعب الغلو والغلو على أربع شعب: على التعمق بالرأي والتنازع فيه والزيغ والشقاق.
فمن تعمق لم ينب إلى الحق ولم يزدد إلا غرقا في الغمرات ولم تنحسر عنه فتنة إلا غشيته أخرى وانخرق دينه فهو يهوي في أمر مريج. ومن نازع في الرأي وخاصم شهر بالعثل من طول اللجاج. ومن زاغ قبحت عنده الحسنة وحسنت عنده السيئة، ومن شاق أعورت عليه طرقه واعترض عليه أمره فضاق عليه مخرجه إذا لم يتبع سبيل المؤمنين.
شعب الشك والشك على أربع شعب: على المرية والهوى والتردد والاستسلام، وهو قول الله عز وجل: (فبأي آلاء ربك تتمارى). (1) فمن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه ومن امترى في الدين تردد في الريب وسبقه الأولون من المؤمنين وأدركه الآخرون ووطئته سنابك الشيطان. ومن استسلم لهلكة الدنيا والآخرة هلك فيما بينهما، ومن نجا من ذلك فمن فضل اليقين، ولم يخلق الله خلقا أقل من اليقين.
شعب الشبهة والشبهة على أربع شعب: إعجاب بالزينة وتسويل النفس وتأويل العوج ولبس الحق بالباطل.
وذلك بأن الزينة تصدف عن البينة، وإن تسويل النفس يقحم على الشهوة، وإن العوج يميل بصاحبه ميلا عظيما، وإن اللبس ظلمات بعضها فوق بعض.
فذلك الكفر ودعائمه وشعبه.