خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٣ - الصفحة ٤٦٩
المقام، إلا أن التأمل في مقدماته يورث الظن القوي، والاطمئنان التام، والوثوق بما ذكره، فإنه (رحمه الله) كان وجه الطائفة، وعينهم، ومرجعهم، كما صرحوا به في بلد إقامة النواب، وكان غرضه من التأليف العمل به في جميع ما يتعلق بأمور الدين، لاستدعائهم وسؤالهم عنه، ذلك كما صرح به في أول الكتاب، خصوصا قوله:
وقلت: إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف، يجمع من جميع فنون الدين ما يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين، والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين (عليهم السلام) (1) والسنن القائمة التي عليها العمل، وبها يؤدى فرض الله عز وجل، وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله).
وقلت: لو كان ذلك رجوت أن يكون ذلك سببا يتدارك الله بمعرفته وتوفيقه إخواننا وأهل ملتنا ويقل بهم إلى مراشدهم (2)، انتهى.
فظهر أن غرضه (رحمه الله) فيه لم يكن كالغرض من جملة المؤلفات،

(١) ادعى بعض الباحثين في حقل الحديث الشريف خروج الكليني عن منهجه الذي رسمه في مقدمة كتابه الكافي وذلك بتقييده - حسب زعمهم - الرواية عن الصادقين عليهم السلام، معتمدين على ما جاء فيها: (ويأخذ منه من يريد علم الدين، والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام). ولم يلتفتوا إلى قوله - المعطوف بلا فصل على ما سبق -: والسنن القائمة التي عليها العمل، وبها يؤدى فرض الله عز وجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وآله.
والظاهر أنه كتب الخطبة بعد إتمام الكتاب، قال: وقد يسر الله تأليف ما سالت، فهذه شهادة منه بان جميع ما ألفه من الآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام.
اما ما رواه عن غيرهم عليهم السلام فقد جاء استطرادا وتتميما للفائدة - وهذا هو ديدن المحدثين - إذ لعل الناظر يستنبط صحة رواية لم تصح عند المؤلف، أو لم تثبت صحتها.
انظر: معجم رجال الحديث ١: ٨٩.
(٢) أصول الكافي ١: ٧، من المقدمة.
(٤٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 ... » »»