خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٣ - الصفحة ٤٦٣
بسم الله الرحمن الرحيم الفائدة الرابعة.
من فوائد خاتمة كتابنا الموسوم ب‍ (مستدرك الوسائل) في نبذة مما يتعلق بكتاب الكافي، أحد الكتب الأربعة التي عليها تدور رحى مذهب الفرقة الناجية الامامية، فان أدلة الاحكام لان كانت أربعة: الكتاب، والسنة، والعقل، والاجماع - على ما هو المشهور بين الفقهاء - إلا أن الناظر في فروع الدين يعلم أن ما استنبط منها من غير السنة أقل قليل، وأنها العمدة في استعلام الفرائض، والسنن، والحلال، والحرام، وأن الحاوي لجلها، والمتكفل لعمدتها الكتب الأربعة، وكتاب الكافي بينها كالشمس بين نجوم السماء، وامتاز عنها بأمور، إذا تأمل فيها المنصف يستغني عن ملاحظة حال آحاد رجال سند الأحاديث المودعة فيه، وتورثه الوثوق، بحصل له الاطمئنان بصدورها، وثبوتها، وصحتها بالمعنى المعروف عند الأقدمين (1).

(١) الحديث الصحيح عند المتقدمين على عصر العلامة الحلي (ت / ٧٢٦ ه‍) هو ما اقترن بما يوجب الوثوق به واعتضد بما يلزمه الاعتماد عليه، أو بما أوجب العلم بمضمونه، نحو:
ا - وجوده في أكثر الأصول الأربعمائة (وهي أربعمائة مؤلف لأربعمائة مؤلف من أصحاب الأئمة عليهم السلام.
٢ - تكرره في أصل أو أصلين.
٣ - وجوده في أصل معروف معتبر لديهم.
٤ - اندراجه في كتاب عرض على أحد الأئمة عليهم السلام.
٥ - أخذ من كتاب موثوق به ومعتمد عليه.
٦ - وروده عن جماعة أجمع على تصديقهم، وتصحيح ما يصح عنهم كزرارة واضرابه.
٧ - وروده عن جماعة اجمع على العمل برواياتهم كعمار بن موسى الساباطي واضرابه.
أما من تأخر عن عصر العلامة فقد ذهبوا إلى وصف الحديث بالصحة إذا كان جميع رجال سنده اماميين ممدوحين بالتوثيق.
انظر: منتقى الجمان ١: ١٤، الفوائد المدنية: ٥٣، جامع المقال: ٣٥، مقباس الهداية:
٣٢
.
والحق: ان هذا التعريف الأخير للحديث الصحيح هو ما قالوا به. ولكن التطبيق الفعلي وكيفية عمل الفقهاء بالأحاديث يختلف لما نراه من عمل علماء الإمامية بأحاديث الثقات من الفطحية والناووسية وغيرهم ممن ثبتت وثاقتهم، وعلى هذا يكون الصحيح هو ما كانت رواته من الثقات المعروفين بغض النظر عن الانتماء المذهبي لاغناء الوثاقة عنه، وهذه ميزة قلما نجد نظيرها في سائر المذاهب الاسلامية الأخرى.
اما قول المصنف - رحمه الله -: (إذا تأمل فيها المنصف يستغني عن ملاحظة حال آحاد رجال سند الأحاديث المودعة فيه). فهذا مختلف فيه بين الأصوليين والأخباريين، والذي عليه أكثر علماء الإمامية ومحققيهم أن لا رواية عندهم تتصف بالقداسة حتى لا يمكن اخضاعها للنقد والدراسة، سواء كانت تلك الرواية في كتاب الكافي أم في غيره من الكتب المعتمدة الأخرى.
وهو الصواب لما فيه من تنقية السنة مما علق بها من دسائس المنافقين وعبث الوضاعين الذي ما انزل الله بها من سلطان.
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 457 458 459 460 461 463 464 465 466 467 468 ... » »»