خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٢ - الصفحة ٣٨٢
الأعلم الأبصر الأنظم، الذي هو كالعنقاء في هذا العالم. أوليس هذا الكلام بالنسبة إليهما رزية هائلة تحرق بها القلوب في الصدور، وتسيل بها الدموع من العيون؟!
ثم نقول: هذا الأعلم المقدم قوله على الشهيد والمحقق من أصحابنا أو من العامة، أما من الأصحاب، فلم نجد من أحتمل فيه غير الإمامية فضلا " عن التصريح به، وكل من تأخر عنهما تلقوا قولهما فيه بالقبول كما عرفت، ولا ادعاه هذا الجارح أيضا "، ولو فرض وجوده في كلام أحد، وفرض أعلميته في هذا الفن على الشهيد (رحمه الله) فالواجب تقديم قوله أيضا "، لأنه (رحمه الله) شهد بإماميته بالحس والعيان، وسمع منه ذلك أيضا "، وصاحبه بعد ذلك إلى حين وفاته، وكل من نسب إليه غير ذلك فإنما استظهره من بعض أفعاله وأقواله وكلماته، مما هو مشابه لمذاهبهم، وكثيرا " ما يصدر من أعاظم العلماء تقية ومماشاة وتحبيبا " مثل ذلك.
ومن هنا قلنا في مسألة تقديم الجرح على التعديل المعنونة في الأصول وكتاب القضاء في الفقه: إن ما ذكروه في وجه تقديم الجرح على التعديل في غير صورة التكاذب من أن الإخبار بالعدالة - من حيث هو مع قطع النظر عن فرض بعض الخصوصيات - إخبار بأمر وجودي، هو: الملكة وعدمي، هو:
عدم صدور الكبيرة مثلا "، ولا ريب أن الإخبار بالأمر العدمي مستنده عدم العلم أو الأصل، فلا يعارض به ما هو بمنزلة الدليل بالنسبة إليه - أعني إخبار الجارح بالموجود - فالجارح مقدم على المعدل لعدم المعارضة بينهما كالأصل والدليل، فلا يلزم به تكذيب المعدل، بخلاف تقديم المعدل، فإن لازمه تكذيب الجارح، ومقتضى وجوب تصديق العادل هو الجمع.
ومن هنا قال في الشرايع: ولو اختلف الشهود بالجرح والتعديل قدم
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»