روايا من غديره، فذا تاج الملة وعضد الدولة أبو شجاع علي بن الحسن الديلمي أخذ عنه الفقه وكان مع جلالته وصولته يزوره بموكبه في بيته ويعوده إذا مرض، مضافا إلى وجاهته عند ملوك الأطراف، ولعل في تقاريض مترجميه وآيات الثناء عليه ما يغنينا عن الإطالة بشرح ذلك فقد أطبقت المعاجم على أنه (امام الرافضة، شيخ الامامية وعالمها، والمحامي عن حوزتهم، والمصنف لهم، رئيس الكلام والفقه والجدل، مقدم في صناعة الفقه والكلام، دقيق الفطنة حاضر الجواب، ماضي الخاطر، حسن اللسان والجدل، صبور على الخصم، جميل العلانية، كثير الصدقات، عظيم الخشوع كثير الصلاة والصوم، زاهد عابد وكان يناظر أهل كل عقيدة وكانت له صولة مع الجلالة العظيمة في الدولة البويهية).
بذلك تقرظه المعاجم ويطريه أصحاب التراجم وفيهم من معاصريه من الخصوم الألداء والحسان المعاندين الذين ضاقوا ذرعا به، وطالت حياته عليهم، فتمنوا موته لشدة حسدهم وقصورهم عن بلوغ شأوه أو مطاولته في موكب أو منكب.
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه * فالقوم أعداء له وخصوم وحسبك دليلا على سمو مكانته وعظيم جلالته انه كان المنظور في الامامية والمقصود من بينهم في كل معضلة وقضية، فكان يصيبه من فتن العامة وجهلة السواد بعض الأذى، وإن كثيرا من خصومه ممن لم يبلغوا شأوه ويدركوا سعيه كانوا يستغلون الاحداث في الفتن التي كانت تنشب في بغداد بين الشيعة والسنة فيوغروهم عليه ويغروهم به.
فمن ذلك أنه في سنة 398 قصد بعض السفلة من باب البصرة الشيخ في مسجده بالكرخ بدرب رباح فآذاه ونال منه فثار به أصحاب الشيخ واستنفر بعضهم بعضا وصاروا إلى دار القاضي أبي محمد ابن الأكفاني وأبي حامد الأسفراييني فسبوهما وطلبوا الفقهاء من أصحابهما ليوقعوا بهم فهربوا وانتقل أبو حامد إلى دار القطن