محاجج متكلما بارعا ذا فطنة ولباقة في احتجاجه وسؤاله.
ويروي له التأريخ نطير هذه القصة، طريقة أخرى مع القاضي عبد الجبار المعتزلي (1) فإنه ذكر أنه بينما القاضي ذات يوم في بغداد ومجلسه مملوء من علماء الفريقين إذ حضر الشيخ المفيد قدس سره وجلس في صف النعال، ثم قال للقاضي:
إن لي سؤالا فان أجزت بحضور هؤلاء الأئمة؟ فقال القاضي: سل. فقال: ما تقول في هذا الخبر الذي ترويه طائفة من الشيعة (من كنت مولاه فعلي مولاه) أهو مسلم صحيح عن النبي صلى الله عليه وآله يوم الغدير؟ فقال: نعم خير صحيح فقال الشيخ:
ما المراد بلفظ المولى؟ قال: هو بمعنى أولى، قال فما هذا الخلاف والخصومة بين الشيعة والسنة؟ فقال القاضي: أيها الأخ هذه رواية وخلافة أبي بكر دراية، والعادل لا يعادل الرواية بالدراية فقال الشيخ: ما تقول في قول النبي صلى الله عليه وآله (حربك حربي وسلمك سلمي)؟ قال القاضي: الحديث صحيح، فقال: ما تقول في أصحاب الجمل؟ فقال القاضي: أيها الأخ إنهم تابوا، فقال الشيخ: أيها القاضي الحرب دراية والتوبة رواية وأنت قررت في حديث الغدير ان الرواية لا تعارض الدراية، فبهت القاضي ولم يحر جوابا ووضع رأسه ساعة ثم رفعه وقال من أنت؟!. قال: خادمك محمد بن محمد بن النعمان الحارثي فقام القاضي وأجلسه في مجلسه على مسنده وقال: أنت " المفيد " حقا، فانقبض فرق المخالفين وتغيرت وجوه علما؟ المجلس وهمهموا فلما أبصر القاضي ذلك منهم قال: أيها الفضلاء إن هذا الرجل ألزمني وأنا عجزت عن جوابه فإن كان عندكم جواب عما ذكره فقولوا حتى أجلسه في مجلسه الأول، فسكتوا وتفرقوا، فوصل خبر المناظرة إلى عضد الدولة فأرسل إلى المفيد (ره) وأحضره وسأله عما جرى فأخبره فأكرمه غاية الاكرام وأمر له بجوائز عظام، وأركبه مركبا حسنا (2) وكان فرسا محلى