القضية الحقيقية بان يكتفى بكل ما صدق عليه عنوان الدرهم في اي زمان كان ولو كانت سعته أكثر من سعة الدراهم الموجودة في زمانهم (ع) مندفع بأنه محض احتمال لا مثبت له، فان الظاهر من الدرهم في رواياته هو الدرهم المتعارف في عصرهم وحيث لم يرد تحديد سعتها في شيء من رواياتهم فمقتضى القاعدة الاقتصار على أقل التحديدات المتقدمة وهو تحديد سعته بسعة عقد السبابة لأنه المقدار المتيقن في البين، حده بعضهم بسعة عقد الابهام من اليد وآخر بعقد الوسطى وآخر بعقد السبابة فالأحوط الاقتصار على الأقل وهو الأخير.
فقه السيد الخوئي ج 3 ص 449 * الدرهم البغلي: الدرهم كمنبر وكمحراب وزبرج كما في القاموس، وفي مختار الصحاح: الدرهم فارسي معرب، وكسر الهاء لغة فيه. وربما قالوا: درهام، وجمع الدرهم دراهم، وجمع الدرهام دراهيم. وفي المنجد: الكلمة يونانية، يعني الدرهم . ونقل عن الذكرى والدروس وجامع المقاصد وكشف الشرائع وحاشية الشرائع والروض ان البغلي بإسكان الغين، وعن المدارك والدلائل أن المتأخرين ضبطوه بفتح الغين المعجمة وتشديد اللام، وكذلك قال السيد الشبري في رسالته، نسبة إلى قرية.
أقول: والامر في التسمية سهل بعد اتفاقهم على اتحاد المقدار، إذ لا إشكال في أن الدرهم البغلي كان وزنه ثمانية دوانيق، والدرهم الطبري كان وزنه أربعة دوانيق فجمعا وقسما نصفين، وجعل كل نصف درهما شرعيا وزنه ستة دوانيق في زمن عبد الملك بن مروان بأمر من الامام زين العابدين عليه السلام، واستقر امر الاسلام على المعاملة بهذا الدرهم، وقد نبه إلى هذا جماعة من الفقهاء وغيرهم.
قال المسعودي فيما نقل عنه: إنما جعل كل عشرة دراهم بوزن سبعة مثاقيل من الذهب لان الذهب أوزن من الفضة، وكأنهم ضربوا مقدارا من الفضة ومثله من الذهب، فوزنوهما فكان وزن الذهب زائدا على وزن الفضة بمثل ثلاثة أسباعها، واستقرت الدراهم في الاسلام على ان كل درهم، نصف مثقال وخمسه، وبها قدرت نصب الزكاة ومقدار الجزية والديات ونصاب القطع في السرقة وغير ذلك.
وقال في محكي المعتبر: ان المعتبر كون الدرهم ستة دوانيق إلى أن قال: فإنه يقال : ان السود كانت ثمانية دوانق، والطبرية أربعة دوانيق، فجمعا وجعلا درهمين، وذلك موافق لسنة النبي صلى الله عليه وآله الخ. وعن نهاية الاحكام: والسبب (اي في صيرورة الدرهم ستة دوانق) أن غالب ما كانوا يتعاملون به من أنواع الدرهم في عصر النبي صلى الله عليه وآله والصدر الأول بعده نوعان: البغلية والطبرية، والدرهم الواحد من البغلية ثمانية دوانيق، ومن الطبرية أربعة دوانيق، فاخذوا واحدا من هذا وواحدا من هذا وقسموهما نصفين، وجعلوا كل نصف درهما في زمن بني أمية، وأجمع أهل ذلك العصر على تقدير الدراهم الاسلامية بها (إلى أن قال): وكل عشرة دراهم سبعة مثاقيل، وكل عشرة مثاقيل أربعة عشر درهما وسبعان.
وعن التحرير: الدراهم في صدر الاسلام كانت صنفين: بغلية وهي السود، كل درهم ثمانية دوانيق، وطبرية كل درهم أربعة دوانيق، فجمعا في الاسلام وجعلا درهمين متساويين، وزن كل درهم ستة دوانيق، فصار وزن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل بمثقال الذهب، وكل درهم نصف مثقال وخمسه، وهو الدرهم الذي قدر النبي صلى الله عليه وآله المقادير الشرعية في نصاب الزكاة والقطع ومقدار الديات والجزية وغير ذلك . ونقل نحوه عن التذكرة والمنتهى، وعن الذكرى وكشف الالتباس وغيرهما: ان الدرهم البغلي منسوب إلى رأس البغل ضربه الخليفة الثاني بسكة كسروية، وزنها ثمانية، دوانيق. والبغلية كانت تسمى قبل الاسلام الكسروية، فحدث لها هذا الاسم في الاسلام، والوزن بحاله، وجرت في المعاملة مع الطبرية، وهي أربعة دوانيق، فلما كان زمن عبد الملك جمع بينهما واتحد الدرهم منهما، واستقر أمر الاسلام على ستة دوانيق، وهذه التسمية ذكرها ابن دريد.
وقال الشهيد الأول في البيان ص 185: والمعتبر في الدينار بزنة المثقال، وهو لم يختلف في الاسلام ولا قبله، وفي الدرهم ما استقر عليه في زمن بني أمية بإشارة زين العابدين عليه السلام بضم الدرهم البغلي إلى الطبري وقسمتهما نصفين فصار الدرهم ستة دوانيق....
* وهو متحد مع الدرهم الوافي بلا ريب، بل في طهارة مفتاح الكرامة ص 160 أن ظاهرهم الاتفاق على الموافقة، نعم تشعر بالمخالفة عبارة السرائر، وستعرف ما فيها في مبحث الدرهم الوافي إن شاء الله تعالى. والدرهم البغلي هو ثمان وأربعون شعيرة كما في رسالة السيد عدنان شبر، وهو غلط واضح، لأنه ثمانية دوانيق، والدانق ثماني حبات بلا ريب في كل منهما حتى عند السيد المذكور، فالدرهم البغلي هو اربع وستون شعيرة، والشرعي 48 شعيرة كما ستعرف إن شاء الله تعالى.
* وهو ثمانية عشر قيراطا شرعيا وثلثان كما في رسالة السيد الشبري أيضا، وهو كذلك، لان القيراط الشرعي ثلاث شعيرات وثلاثة أسباع الشعيرة، فلو ضربناها في 18 قيراطا وثلثين، لحصل 64 شعيرة كما ترى في هذه العملية...
* الدرهم الشرعي: هو ما قدرت به نصب الزكاة ومقدار الجزية والديات ونصاب القطع في السرقة، وهو ما يجب تعريفه في اللقطة، فان نقص عن الدرهم لم يجب تعريفه. هو ستة دوانيق كما عن صريح المقنعة، والنهاية، والمبسوط، والخلاف وما تأخر عنها، وكما في رسالة التحقيق والتنقير، وفي الجواهر: بلا خلاف أجده فيه، وفي المدارك: نقله الخاصة والعامة ونص عليه جماعة من أهل اللغة، وعن المفاتيح: أنه وفاقي عند الخاصة والعامة ونص أهل اللغة. وعن الرياض: لا أجد فيه خلافا بين الأصحاب، وعزاه جماعة منهم إلى الخاصة والعامة، وعلماؤهم مؤذنون بكونه مجمعا عليه عندهم، وعن ظاهر الخلاف: أن عليه اجماع الأمة، وعن ظاهر المنتهى في الفطرة الاجماع عليه.
* ويتفرع على هذا أن الدرهم الشرعي ثمان وأربعون شعيرة كما صرح بذلك جماعة منهم العلامة المجلسي في رسالته ص 134 * وهو نصف مثقال شرعي وخمسه. لان كل عشرة دراهم شرعية هي سبعة مثاقيل شرعية كما نقل العلامة المجلسي في رسالته (ص 134) عن العلامة في التحرير والتذكرة والمنتهى.
بل هذا إجماع من الأمة كما عن ظاهر الخلاف، وهو مما اتفقت عليه العامة والخاصة كما في رسالة المجلسي (ص 133) في أوزان المقادير، ولا خلاف فيه كما في مصباح الفقيه (م 1 ص 27) هذا، وقد نقل عن المسعودي أنه علل ذلك بقوله: إنما جعل كل عشرة دراهم بوزن سبعة مثاقيل من الذهب، لان الذهب أوزن من الفضة وكأنهم ضربوا مقدارا من الفضة ومثله من الذهب فوزنوهما، فكان وزن الذهب زائدا على وزن الفضة بمثل ثلاثة أسباعها، واستقرت الدراهم في الاسلام على أن كل درهم نصف مثقال وخمسه الخ. ولما عرفت في مبحث الدرهم البغلي أن الدرهم الشرعي حدث في زمن عبد الملك أشكل الامر على بعض الناس بأن تقدير الزكاة بالخمسة دراهم لا ينبغي حمله على العرف الحادث، قال في زكاة الجواهر: وفيه أنه لا دلالة في شيء مما سمعت يعني من كلماتهم القائمة بتقسيم الدرهم الطبري والبغلي، على انحصار الدراهم في تلك، بل أقصاه غلبة المعاملة بها، والحادث انما هو انحصار المعاملة بها، وهو غير قادح، قال: على أنه يمكن أن يكون تقدير النبي صلى الله عليه وآله للزكاة بغير لفظ الدرهم، بل كان شيء ينطبق على هذا الدرهم الحادث الذي قدر به أئمة ذلك الزمان عليهم السلام كما هو واضح، قال: وعلى كل حال فلا ينبغي الاشكال في ذلك، فان الدراهم وإن اختلفت إلا أن التقدير بما عرفت. انتهى وهو جيد.
* والدرهم الشرعي وثلاثة أسباعه: مثقال شرعي، كما في زكاة المدارك وزكاة مفتاح الكرامة (ص 88) وكما في القاموس في مادة مكك. بل لا خلاف فيه.
* وهو سبعة أعشار المثقال الشرعي كما في زكاة مفتاح الكرامة أيضا قال: أو أنه مثقال إلا ثلاثة أعشار، أو أنه مع ثلاثة أعشار المثقال مثقال إه. وهو كذلك.
* وهو ثمان وأربعون حبة من أوسط حب الشعير كما في زكاة الجواهر، ونسبه إلى الوضوح، وكما في رسالة التحقيق والتنقير، ورسالة السيد الشبري، أقول: وهو كذلك لأنه ستة دوانيق بلا خلاف، والدانق ثماني شعيرات بلا خلاف. والثمانية