الشارع المحيط بالصحن الحيدري المطهر (*) كان حديث إصلاح النجف، وتوسيع شوارعها، وتنشيط الحركة العمرانية فيها، وإقامة العمارات الجميلة في شوارعها الجديدة من الأحاديث التي تشغل أفكار المخلصين والشاعرين من أبناء النجف ورجالها، والحازمين من رجالات الإدارة الذين اشتغلوا في النجف وفي كربلاء من عهد بعيد، وأمد مديد، وقد عرف الناس كلهم، وشاع بينهم جميعهم في فترات متعددة، ومناسبات مختلفة، أن الخارطة قد وسمت، وأن الخطة للعمل قد عينت، والطريقة المقتضية قد أوضحت، ثم يصل الحديث إلى التحدث عن موعد التنفيذ، وساعات المباشرة بالعمل، ثم تطوى صحائف هذه الأحاديث " اللذة " ويلف هذا المشروع، وتمر مدة طويلة... ثم يتكرر من جديد، وتعود الأحاديث تداعب الأفكار، وتراود الأذهان، وهكذا دواليك.
ولما أن استلم إدارة شؤون لواء كربلاء معالي الأستاذ القدير السيد عبد الرسول الخالصي ووقف على شؤون اللواء المختلفة انبعث الموضوع من جديد، وبعث الأمر من مقبرة الإضبارات إلى عالم المذاكرت والمداولات، والاتصالات والمراجعات وأخذ معاليه يزور النجف بين حين وآخر، وآونة وأختها، ويلاحظ المشروع الذي يروم تنفيذه عن كثب، ويتفقد ما يحيط به من مستلزمات ومقتضيات، وما تدعو إليه المصلحة من موجبات، ثم جلب معه المهندسين واطلع على الخرائط السابقة ورسم آخر خارطة للمشروع، وقر الرأي - بعد استشارة المراجع المختصة وأخذ رأيها وموافقتها في الموضوع - على المباشرة بالعمل.
وأخيرا بوشر بالعمل ونفذ المشروع على يده الكريمة وأصبح هذا الشارع من الشوارع الجميلة في النجف الأشرف وقد أقيمت على جانبيه العمارات البديعة.
ويعد هذا المشروع الجبار بالنسبة إلى مدينة النجف من أهم المشاريع العمرانية وهذا العمل الخطير يستوجب الثناء والشكر للقائمين به، ويدعو إلى التقدير والإكبار لأن الاصلاح من ألزم الواجبات، والعمران في مقدمة الضرورات، وتوسيع الشوارع من الأمور التي يتطلبها الزمن، وتقتضيها حاجة العصر، والجمود يؤدي إلى الفناء، والحركة - على كل حال - مجلبة للبركة.