من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ٨١
ويخطب، فإن فيه حصرا أو في لسانه كلالة.
فقال لهم معاوية: قد ظننا ذلك بالحسن، فلم يزل حتى عظم في أعين الناس وفضحنا.
فلم يزالوا به - أي يصرون عليه - حتى قال للحسين: يا أبا عبد الله! لو صعدت المنبر فخطبت. فصعد الحسين (عليه السلام) المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي (عليه السلام)، فسمع رجلا يقول: من هذا الذي يخطب؟
فقال الحسين (عليه السلام): " نحن حزب الله الغالبون، وعترة رسول الله صلى الله عليه وآله الأقربون، وأهل بيته الطيبون، وأحد الثقلين اللذين جعلنا رسول الله صلى الله عليه وآله ثاني كتاب الله تبارك وتعالى، الذي فيه تفصيل كل شئ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والمعول علينا في تفسيره، لا يبطينا تأويله، بل نتبع حقايقه، فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة إن كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة. قال الله عز وجل: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول (1)) * وقال: * (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، لعلمه الذين يستنبطونه منهم، ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) * (2).
وأحذركم الإصغاء إلى هتوف الشيطان بكم، فإنه لكم عدو مبين، فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم: * (لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم، فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم) * (3). فتلقون للسيوف ضربا، وللرماح وردا، وللعمد حطما، وللسهام غرضا، ثم لا يقبل من نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ".
قال معاوية: حسبك يا أبا عبد الله.. قد بلغت (4).
انظر إلى تفاوت المنطقين، منطق الحسين (عليه السلام) وفيه ذكر الله والقرآن والمبادئ الأخلاقية والدعوة إلى الخير والتذكير بالآخرة، ومنطق معاوية وفيه (حسبك) يعني (أسكت، يكفي)، لا تتكلم عن هذه الأمور التي تهدم ما بنيناه من سلطان الدنيا!

١ - سورة النساء: الآية ٥٩.
٢ - سورة النساء: ٨٣.
٣ - سورة الأنفال: ٤٨.
٤ - الاحتجاج: ٢٩٨ و ٢٩٩، المناقب 4: 67.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»