شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٧٠
ومراده من القصة الاستدلال بقوله جئت لأنصرك وأكثرك فان ذلك لم يكن أمانا منه.
367 - وذكر حديث يزيد بن رومان قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوم كعب بن الأشرف وإعلانه بالشر وقوله الاشعار، وكعب هذا من عظماء اليهود بيثرب، وهو المراد بالطاغوت المذكور في قوله تعالى (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) (1) وكان يستقصى في إظهار العداوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة بعد حرب بدر. وجعل يرثى قتلاهم، ويهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشعاره، ويحثهم على الانتقام. فمن ذلك القصيدة التي أولها:
طحنت رحا بدر لمهلك أهله * ولمثل بدر يستهل ويدمع فلما رجع إلى المدينة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لي بابن الأشرف؟ فإنه قد آذاني. فقال محمد بن مسلمة: أنا لك يا رسول الله

(1) سورة النساء، 4، الآية 60، وفى هامش ق: " ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت ". عن ابن عباس رضي الله عنه أن منافقا خاصم يهوديا فدعاه اليهودي إلى النبي عليه السلام ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف.
ثم انهما احتكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فحكم لليهودي فلم يرض المنافق وقال: نتحاكم إلى عمر. فقال اليهودي لعمر: قضى لي رسول الله عليه السلام فلم يرض بقضائه وخاصم إليك.
فقال عمر رضي الله عنه للمنافق: أكذلك؟ فقال: نعم. قال: الزما مكانكما حتى أخرج إليكما.
فدخل وأخذ بسيفه ثم خرج فضرب به عنق المنافق حتى برد وقال: هكذا أقضى لمن لم يرض بقضاء الله ورسوله. فنزلت. وقال جبريل: إن عمر فرق بين الحق والباطل. فسمى الفاروق. والطاغوت على هذا كعب بن الأشرف. وفى معناه من يحكم بالباطل ويؤثره جملة. سمى بذلك لفرط طغيانه " لتشبيهه بالشيطان... بيضاوي ".
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»