شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٧٢
وإظهار النيل منك. قال: فقولوا. فخرج إليه أبو نائلة، وكان أخاه من الرضاعة، فتحدث معه وتناشد الاشعار. ثم قال أبو نائلة: كان قدوم هذا الرجل علينا من البلاء.
يعنى النبي، ومراده من ذكر البلاء النعمة. فالبلاء يذكر بمعنى النعمة كما يذكر بمعنى الشدة، فإنه من الابتلاء. وذلك يكون بهما كما قالت الصحابة:
ابتلينا (70 ب) بالضراء فصبرنا. وابتلينا بالسراء فلم نصبر. وقيل في تأويل قوله تعالى {وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم} (1). أي في إنجائكم من فرعون وقومه نعمة عظيمة. وقيل: أي في ذبحه أبناءكم واستحيائه نساءكم محنة عظيمة.
ثم قال: حاربتنا العرب ورمتنا عن قوس واحدة وتقطعت السبل عنا، حتى جهدت (2) الأبدان، وضاع العيال، وأخذنا بالصدقة، ولا نجد ما نأكل.
قال كعب: قد والله كنت أحدثك بهذا يا ابن سلامة. إن الامر سيصير إلى هذا.
قال سلكان: ومعي رجال من أصحابي على مثل رأيي. وقد أردت أن آتيك بهم لنبتاع (3) منك طعاما تمورا وتحسن في ذلك إلينا ونرهنك ما يكون لك فيه ثقة.

(1) سورة البقرة، 2، الآية 49.
(2) في هامش ق " وجهد الرجل فهو مجهود من المشقة. يقال: أصابهم قحوط من المطر فجهدوا (بضم الجيم) واجهدوا شديدا. وجهد عيشهم بالكسر أي نكد واشتد. جوهري ".
(3) ه‍ " فنبتاع " ق " فلنبتاع ".
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»