فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٧
كان عند بعض الناس منه قليل لكن من غير الطريق الذي يناله الصالحون ولهذا يشقى به من هو عنده ولا يسعد (ه عن أبي هريرة) قال لدغت عقرب رجلا فلم ينم ليلة فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن فلانا لدغته عقرب فلم ينم فذكره.
1589 - (أما إن العريف) كعظيم: القيم على قومه يسوسهم ويحفظ أمورهم ليعرف بها من فوقه عند الحاجة (يدفع في النار دفعا) أي يدفعه الزبانية في نار جهنم دفعا شنيعا فظيعا وهذا تحذير من التعرض للرياسة والتحرز عنها ما أمكن لأنه إذا لم يقم بحقها استحق العقوبة، والغالب على العرفاء الاستطالة وتعدي الحد وترك الإنصاف والعرافة أولها سلامة وأوسطها ندامة وآخرها عذاب يوم القيامة (طب) من حديث مودود بن الحارث عن أبيه عن جده (عن يزيد بن سيف) بن جازية اليربوعي قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن رجلا من بني تميم ذهب بمالي كله فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ليس عندي ما أعطيكه هل لك أن تعرف إلى قومك قلت لا قال أما إلخ قال الهيثمي مودود وأبوه لم أجد أحدا ترجمهما.
1590 - (أما بلغكم) أيها القوم الذين قد وسموا الحمار في وجهه (أني لعنت من وسم البهيمة في وجهها) أي دعوت عليه باللعنة وهي الطرد والإبعاد عن الرحمة فكيف فعلتم ذلك به مع أن النهي للتحريم واقترانه باللعن يدل على التغليظ وكونه كبيرة فإنه تعذيب بلا طائل (أو ضربها) أي ولعنت من ضربها (في وجهها) لأن الوجه لطيف فربما شانه وشوهه وربما آذى الحواس أو بعضها فيحرم فعل ذلك بكل دابة محترمة وهو في الآدمي أشد، قال في الصحاح وسمه إذا أثر فيه بسمة وكما قال الزمخشري ومن المجاز وسمه بالهجاء (د عن جابر) بن عبد الله.
1591 - (أما) في رواية ألا (ترضى) يا عمر بن الخطاب (أن تكون لهم) في رواية لهما يعني كسرى وقيصر (الدنيا) أي نعيمها والتمتع بزهرتها ونضرتها ولذتها (ولنا الآخرة) أيها الأنبياء والمؤمنون ولم يقل لي مع كون السؤال عن حاله إشارة إلى أن الآخرة لأتباعه وهذا قاله لعمر وقد رآه عمر على حصير قد أثر في جنبه وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف وعند رجليه مرط وعند رأسه إهاب معلقة، فقال: كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول الله هكذا فذكره وزاد في رواية يا ابن الخطاب أولئك عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا وذلك لأنه شاهد بعين الفؤاد موعود الجزاء فاستوى عنده ذهبها وترابها فترك الفاني للباقي على يقين ومشاهدة وآثر الصبر بحبس النفس عما تشتهيه طبعا مما هو محلل لها شرعا فلذا قال ما قال فتدبر شأن أهل الكمال (ق ه عن عمر) بن الخطاب.
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»