عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ٢٠٩
الإكثار، أي: كثرن القول الرديء عليها. قوله: (لا يرقأ) بالقاف والهمزة، أي: لا ينقطع يقال رقا الدمع والدم والعرق يرقأ رقوء بالضم: إذا سكن وانقطع. قوله: (أهلك)، قال الكرماني: بالرفع والنصب. قلت: وجه الرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف، والتقدير: هي أهلك ما بها شيء، ووجه النصب على تقدير: إلزم أهلك. قوله: (لم يضيق الله عليك) قول علي، رضي الله تعالى عنه، هذا لم يكن عداوة ولا بغضا، ولكن لما رأى انزعاج النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر وتقلقه به أراد إراحة خاطره وتسهيل الأمر عليه. قوله: (أي بريرة) يعني: يا بريرة، بفتح الباء الموحدة وكسر الراء الأولى، وهي مولاة عائشة، رضي الله تعالى عنها، قوله: (أغمصه) جملة وقعت صفة لقوله: أمرا، ومعناه: أعيبها به وأطع به عليها، ومادته: غين معجمة وميم وصاد مهملة. قوله: (الداجن)، بكسر الجيم وهي: الشاة التي تقتنى في البيت وتعلف، وقد تطلق على غير الشاة من كل ما يألف البيوت من الطير وغيره. قوله: (فاستعذر من عبد الله بن أبي)، أي: قال من يعذرني فيمن أذاني في أهلي؟ ومعنى: من يعذرني؟ ومن يقوم بعذري إن كافأته على قبح فعله؟ وقيل: معناه: من ينصرني؟ والعذير الناصر. قوله: (فقام سعد بن معاذ)، فإن قلت: حديث الإفك كان في المريسيع، وسعد قد مات قبله؟ قلت: ذكر ابن منده أن سعدا مات بالمدينة سنة خمس، وغزوة المريسيع كانت في شعبان سنة خمس، فكأن سعدا مات بعد شعبان من هذه السنة. وقال البيهقي: يشبه أن سعدا لم ينفجر جرحه إلا بعد المريسيع. قوله: (قلص دمعي)، أي: انقطع، قوله: (من البرحاء)، بضم الباء الموحدة وفتح الراء وتخفيف الحاء المهملة وبالمد، وبرحاء الحمى وغيرها: شدة الأذى. قوله: (الجمان)، بضم الجيم وتخفيف الميم وهو: اللؤلؤ الصغار، وقيل: حب يتخذ من الفضة أمثال اللؤلؤ. قوله: (من ثقل القول)، وضبطه ابن التين بكسر الثاء المثلثة وسكون القاف. قوله: * (ولا يأتل أولو الفضل منكم) * (النور: 22). أي: لا يحلف. قوله: (أحمى سمعي وبصري) هو مأخوذ من الحمى، تقول: أحميه من المآثم إن رأيت ما قيل، وبقية الكلام قد مرت في كتاب الشهادات مستوفاة.
4142 حدثني عبد الله بن محمد قال أملى علي هشام بن يوسف من حفظه قال أخبرنا معمر عن الزهري قال قال لي الوليد بن عبد الملك أبلغك أن عليا كان فيمن قذف عائشة قلت لا ولاكن قد أخبرني رجلان من قومك أبو سلمة بن عبد الرحمان وأبو بكر بن عبد الرحمان بن الحارث أن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت لهما كان علي مسلما في شأنها.
مطابقته للترجمة من حيث إنه يتعلق بالحديث السابق الطويل، وعبد الله بن محمد أبو جعفر الجعفي البخاري المعروف بالمسندي، وهشام بن يوسف أبو عبد الرحمن الصنعاني، والوليد بن عبد الملك بن مروان الأموي.
قوله: (أملى علي)، من الإملاء. قوله: (من حفظه)، فيه إشارة إلى أن الإملاء قد يقع من الكتاب. قوله: (قال لي الوليد)، وفي رواية عبد الرزاق عن معمر: كنت عند الوليد بن عبد الملك... أخرجه الإسماعيلي. قوله: (أبلغك؟) الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار. قوله: (قلت: لا)، القائل هو الزهري، أي: لا، كان فيمن قذف عائشة لأن عليا، رضي الله تعالى عنه، منزه عن أن يقول مثل مقالة أهل الإفك. قوله: (أبو سلمة)، مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، وأبو بكر، عطف عليه تقديره: هما أبو سلمة وأبو بكر بن عبد الرحمن، والأولى أن يكون أبو سلمة عطف بيان، وأبو بكر عطف عليه، وأراد من قوله: (من قومك) قريشا، لأن أبا بكر بن عبد الرحمن مخزومي وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف زهري يجمعهما مع بني أمية رهط الوليد مرة بن كعب ابن لؤي بن غالب. قوله: (قالت لهما)، أي: قالت عائشة لأبي سلمة وأبي بكر. قوله: (مسلما) بكسر اللام المشددة، كذا في نسخ البخاري وفي رواية الحموي: مسلما، بفتح اللام، فالرواية الأولى من التسليم بمعنى تسليم الأمر بمعنى السكوت، والثانية من السلامة من الخوض فيه، وقال ابن التين: ويروى: مسيئا، يعني من الإساءة، وقال صاحب (التوضيح): فيه بعد، ورد عليه بأن عياضا ذكر أنه النسفي رواه عن البخاري بلفظ مسيئا وكذا رواه أبو علي بن السكن عن الفربري. قلت: الظاهر أن نسبة هذه اللفظة إلى علي، رضي الله تعالى عنه، من حيث إنه لم يقل مثل ما قال أسامة بن زيد: أهلك، ولا نعلم إلا خيرا، بل قال: لم يضيق الله عليك والنساء
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»