البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٣٥
والتربة والصفرة والخضرة إنما تكون حيضا على الاطلاق من غير العجائز، أما في العجائز فينظر إن وجدتها على الكرسف ومدة الوضع قريبة فهي حيض، وإن كانت مدة الوضع طويلة لم تكن حيضا لأن رحم العجوز يكون منتنا فيتغير الماء فيه لطول المكث، وما عرفت الجواب في هذه الأبواب من الحيض فهو الجواب فيها في النفاس لأنها أخت الحيض اه‍.
وفي معراج الدراية معزيا إلى فجر الأئمة: لو أفتى مفت بشئ من هذه الأقوال في موضع الضرورة طلبا للتيسير كان حسنا اه‍. وفي فتح القدير: ومقتضى المروي في الموطأ والبخاري أن مجرد الانقطاع دون رؤية القصة لا يجب معه أحكام الطاهرات، وكلام الأصحاب فيما يأتي كله بلفظ الانقطاع حيث يقولون: وإذا انقطع دمها فكذا مع أنه قد يكون انقطاع بجفاف من وقت إلى وقت ثم ترى القصة، فإن كانت الغاية القصة لم تجب تلك الصلاة، وإن كان الانقطاع على سائر الألوان وجبت وأنا متردد فيما هو الحكم عندهم بالنظر إلى دليلهم وعباراتهم في اعطاء الأحكام والله أعلم. ورأيت في مروي عبد الوهاب عن يحيى بن سعيد عن ريطة مولاة عمرة عن عمرة أنها كانت تقول للنساء: إذا أدخلت إحداكن الكرسف فخرجت متغيرة فلا تصلي حتى لا ترى شيئا، وهذا يقتضي أن الغاية الانقطاع اه‍. وقد يقال: هذا التردد لا يتم إلا إذا فسرت القصة بأنها بياض ممتد كالخيط، والظاهر من كلامهم ضعف هذا التفسير فقد قال في المغرب قال أبو عبيدة: معناه أن تخرج القطنة أو الخرقة التي تحتشي بها المرأة كأنها قصة لا تخالطها صفرة ولا تربية، ويقال إن القصة شئ كالخيط الأبيض يخرج بعد انقطاع الدم كله، ويجوز أن يراد انتفاء اللون وأن لا يبقى منه أثر البتة فضرب رؤية القصة مثلا لذلك لأن رائي القصة غير رائي شئ من سائر ألوان الحائض اه‍. فقد علمت أن القصة مجاز عن الانقطاع وأن تفسيرها بأنها شئ كالخيط ذكره بصيغة يقال الدالة على التمريض، ويدل على أن المراد بها الانقطاع آخر الحديث وهو قوله تريد بذلك الطهر من الحيض فثبت بهذا أن دليلهم موافق لعباراتهم كما لا يخفى.
وفي شرح الوقاية: ثم وضع الكرسف مستحب للبكر في الحيض وللثيب في كل حال وموضعه موضع البكارة ويكره في الفرج الداخل اه‍. وفي غيره أنه سنة للثيب حالة الحيض مستحبة حالة الطهر ولو صلتا بغير كرسف جاز.
قوله (يمنع صلاة وصوما) شروع في بيان أحكامه فذكر بعضها ولا بأس ببيانها فنقول:
إن الحيض يتعلق به أحكام: أحدها يمنع صحة الطهارة وأما أغسال الحج فإنها تأتي بها لأن
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»
الفهرست