البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٣٤
يعرف وإنما ثبت في الصحيحين تمكث الليالي ما تصلي اه‍. واحتج الطحاوي للمذهب بحديث أم سلمة إذ سألت عن المرأة تهراق الدماء فقال عليه السلام: لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر فلتترك قدر ذلك من الشهر ثم تغتسل وتصلي. فأجابها بذكر عدد الليالي والأيام من غير أن يسألها عن مقدار حيضها قبل ذلك وأكثر ما يتناوله الأيام عشرة وأقله ثلاثة اه‍. وأما ما استدلوا به على أقله فلا دليل فيه لأنه لما جاز أن تكون الصفة موجودة في اليوم والليلة جاز وجودها فيما دونه فلم لم يجعله حيضا.
قوله (فما نقص من ذلك أو زاد استحاضة) أي ما نقص من الأقل أو زاد على الأكثر فهو استحاضة لأن هذا الدم إما أن يكون دم حيض أو نفاس أو استحاضة فانتفى الأولان فتعين الثالث، ولان تقدير الشرع يمنع إلحاق غيره به. قوله (وما سوى البياض الخالص حيض) لما فرغ من بيان كميته شرع في بيان كيفيته. اعلم أن ألوان الدماء ستة: السواد والحمرة والصفرة والكدرة والخضرة والتربية وهي التي على لون التراب نوع من الكدرة وهي نسبة إلى الترب بمعنى التراب. ويقال تربية بتشديد الياء وتخفيفها بغير همزة، وتريبة مثل تريعة وتربية بوزن ترعية. وقيل: هي من الرئة لأنها على لونها. كذا في المغرب. ويقال أيضا الترابية. وكل هذه الألوان حيض في أيام الحيض إلى أن ترى البياض. وعند أبي يوسف لا تكون الكدرة حيضا إذا رأتها في أول أيام الحيض، وإذا رأتها في آخرها تكون حيضا لأنها لو كانت دم رحم لتأخرت عن الصافي. ولهما ما روي عن مولاة عائشة قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة التي فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيض لتنظر إليه فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء تريد بذلك الطهر من الحيض. رواه مالك في الموطأ. والقصة بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة. وذكره البخاري تعليقا بصيغة الجزم فصح بهذا اللفظ عن عائشة. وذكر في الصحيح والسنن عن أم عطية قالت: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا. وهذا يدل على أنهما في أيام الحيض حيض لأنها قيدت بما بعد الطهر. وفي التجنيس: امرأة رأت بياضا خالصا على الخرقة ما دام رطبا، فإذا يبس أصفر فحكمه حكم البياض لأن المعتبر حال الرؤية لا حالة التغير بعد ذلك اه‍.
وكذا لو رأت حمرة أو صفرة فإذا يبست ابيضت يعتبر حالة الرؤية لا حالة التغير بعد ذلك اه‍. ومن المشايخ من أنكر الخضرة فقال: لعلها أكلت قصيلا استبعادا لها. قلنا: هي نوع من الكدرة ولعلها أكلت نوعا من البقول. وفي الهداية: وأما الخضرة فالصحيح أن المرأة إذا كانت من ذوات الأقراء يكون حيضا ويحمل على فساد الغذاء، وإن كانت آيسة لا ترى غير الخضرة يحمل على فساد المنبت فلا يكون حيضا اه‍. وفي البدائع قال بعضهم: الكدرة
(٣٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 ... » »»
الفهرست