البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤٥٣
الاكل كما صرح به. وفي صحيح البخاري عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيام وفي المجتبى من كتاب الشهادات: من سمع الاذان وانتظر الإقامة في بيته لا تقبل شهادته.
قوله (ويجعل أصبعيه في أذنيه) لقوله صلى الله عليه وسلم اجعل إصبعيك في أذنيك فإنه ارفع لصوتك والامر للندب بقرينة التعليل فلهذا لو لم يفعل كان حسنا، وكذا لو جعل يديه على أذنيه. فإن قيل ترك السنة كيف يكون حسنا قلنا: لأن الاذان معه أحسن فإذا تركه بقي الاذان حسنا.
كذا في الكافي. فالحسن راجع إلى الاذان. وإنما كان ذلك أبلغ في الاعلام لأن الصوت يبدأ من مخارج النفس فإذا سد أذنيه اجتمع النفس في الفم فخرج الصوت عاليا من غير ضرورة، وفيه فائدة أخرى وهي ربما لم يسمع إنسان صوته لصمم أو بعد أو غيرهما فيستدل بأصبعيه على أذنه. ولا يستحب وضع الإصبع في الاذن في الإقامة لما قدمنا أن الإقامة أخفض من الاذان. قوله (ويثوب) أي المؤذن والتثويب العود إلى الاعلام بعد الاعلام ومنه الثيب لأن مصيبها عائد إليها، والثواب لأن منفعة عمله تعود إليه، والمثابة لأن الناس يعودون إليه.
ووقته بعد الاذان على الصحيح كما ذكره قاضيخان، وفسره في رواية الحسن بأن يمكث بعد الاذان قدر عشرين آية ثم يثوب ثم يمكث كذلك ثم يقيم وهو نوعان: قديم وحادث.
فالأول الصلاة خير من النوم وكان بعد الاذان إلا أن علماء الكوفة ألحقوه بالاذان، والثاني أحدثه علماء الكوفة بين الأذان والإقامة حي على الصلاة مرتين حي على الفلاح مرتين.
وأطلق في التثويب فأفاد أنه ليس لفظ يخصه بل تثويب كل بلد على ما تعارفوه، إما بالتنحنح أو بقوله الصلاة الصلاة أو قامت قامت لأنه للمبالغة في الاعلام وإنما يحصل بما تعارفوه.
فعلى هذا إذا أحدث الناس إعلاما مخالفا لما ذكر جاز. كذا في المجتبى. وأفاد أنه لا يخص صلاة بل هو في سائر الصلوات وهو اختيار المتأخرين لزيادة غفلة الناس وقلما يقومون عند سماع الاذان، وعند المتقدمين هو مكروه في غير الفجر وهو قول الجمهور كما حكاه النووي في شرح المهذب لما روي أن عليا رأى مؤذنا يثوب في العشاء فقال: أخرجوا هذا المبتدع من المسجد. وعن ابن عمر مثله. ولحديث الصحيحين من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو
(٤٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 ... » »»
الفهرست