المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٧٨
للوارث فكذلك للقاتل والمعنى فيهما واحد و هو ان المغايظة تنعدم عند وجود الرضى من الوراث بالإجازة في الموضعين جميعا بخلاف ميراث القاتل فان ثبوت الملك بالميراث بطريق الحكم حتى لا يتوقف على القبول ولا يرتد بالرد والإجازة إنما تعمل فيما يعتمد القبول ويرتد بالرد وبخلاف الوصية للحربي في دار الحرب لان بطلانها لانعدام الأهلية في جانب الموصى له فان من في دار الحرب في حق من هو في دار الاسلام كالميت ولهذا تنقطع العصمة بتباين الدارين حقيقة وحكما والميت لا يكون أهلا للوصية له ولا تأثير للإجازة في اثبات الأهلية لمن ليس باهل وكذلك الوصية لعبد القاتل أو لمكاتبة فإنها كالوصية للقاتل لما يثبت له من حقيقة الملك أو حق الملك في الموصى به وقال في الأصل إذا كانت الوصية لمولاه أو لعبده أبطلناها وقال الحاكم تأويله عندنا إذا كان المولى هو القاتل فأوصى له أو لعبده فأما إذا كان العبد هو القاتل فالوصية لمولاه وصية صحيحة (ألا ترى) ان عبد الوارث إذا قتل المورث لا يحرم المولي ميراثه وهذا لأنه لاحق للعبد في ملك مولاه وليس في حق المولى ما يحرمه الإرث والوصية لابن القاتل وأبويه وغيرهم من قرابته جائزة وكذلك لمماليك هؤلاء من عبيدهم ومكاتبيهم ومدبريهم وأمهات أولادهم على قياس الإرث فان ابن القاتل وأبويه يرثون المقتول وإن لم يرثه القاتل وهذا لأنه ليس للقاتل في ملك هؤلاء حق الملك ولا حقيقة الملك وإذا أقر لقاتله بدين فإن كان مريضا صاحب فراش حتى مات لم يجز وإن كان يذهب ويجئ فهو جائز لان الجرح وإن كان سبب الهلاك ولكن لا يصير به في حكم المريض ما لم يصر صاحب فراش فان المريض إنما يباين الصحيح بهذا لان الانسان لا يخلو عن نوع مرض وإن كان صحيحا فإذا لم يصر صاحب فرش كان هو في حكم الصحيح وإذا كان صاحب فراش فهو مريض وان تكلف لمشيه إلى بعض حوائجه وكذلك الهبة إذا قبضها للقاتل وهو مريض فان تصرف المريض كالمضاف إلى ما بعد الموت فأما إذا كان يذهب ويجئ فهو صحيح ينفذ تصرفه في الحال مع القاتل كما ينفذ مع غيره وهكذا الجواب في الاقرار للوارث والهبة له وإذا ضربت المرأة الرجل بحديدة أو بغير حديدة فأوصى لها ثم تزوجها فلا ميراث لها ولا وصية وإنما لها مقدار صداق مثلها من المسمى وما زاد على ذلك في معنى الوصية فيبطل بالقتل ولو اشترك عشرة في قتل رجل أحدهم عبده وأوصى لبعضهم بعد الجناية وأعتق عبده فالوصية باطلة لان كل واحد منهم قاتل له على الكمال (ألا ترى) انه يلزمهم القصاص إذا كان عمدا
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست