المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٨٩
المال ومن أصل أبي حنيفة ان الوصية بما زاد على الثلث عند عدم الإجازة تبطل في حق الضرب فلهذا قال الثلث بينهما نصفان فما أصاب صاحب الثلث فهو له وما أصاب صاحب الغلة استغل بحسب غلته وينفق عليه منها كل شهر درهم كما لو أوصى وإنما يحبس جميع تلك الغلة لجواز أن يمرض أو تبطل فلا يعمل في بعض الشهور ويحتاج إلى الانفاق عليه مما هو محبوس لحقه فان مات وقد بقي منها شئ رد على صاحب الثلث ويرجع عليه أيضا مما يحبس على صاحب الغلة من رقبة العبد لان وصيته بطلت بموته فان حقه في بدل المنفعة وهي الغلة وقد بينا ان وارثة لا يخلفه فيما له من الحق في المنفعة فكذلك في بدلها وهذا لأنه لم يصر مملوكا له ولكن ثبت له حق يستحق ان لو بقي حيا ومثل هذا لا يورث وإذا بطلت وصيته وزالت مزاحمته سلم جميع الثلث لصاحب الثلث والمحبوس من الغلة بدل منفعة جزء من الثلث فيكون للموصى له بالثلث ولو أوصى لرجل بغلة داره ولا مال له غيرها فاحتاجت الورثة إلى سكناها قسمت الدار ثلاثا ويكون للورثة ثلثاها واستغل ثلثها صاحب الغلة لان الدار تحتمل القسمة وثلثاها خالص حق الورثة فيجب تمكينهم من صرف نصيبهم إلى حاجتهم وهو السكنى وإنما يكون ذلك بالقسمة ولو أوصي لرجل بغلة داره ولاخر بعبد ولاخر بثوب فان ثلث مال الميت يقسم بينهم يضرب فيه كل واحد بما سمى له فما أصاب صاحب الدار كان له غلة ذلك لان الموصى أوجبه له فيصرف إليه إلى أن يموت صاحب الغلة فحينئذ تبطل وصيته ويقسم الثلث بينهم وبين من بقي من أهل الوصية لزوال مزاحمته إلا أن هاهنا إن كان حصل من الغلة شئ قبل موته فهو لورثته لأنه صار مالكا لما حصل من الغلة حتى يتمكن من استيفائها في الحال وهو عين فيخلفه وارثة فيها ولو أوصي بغلة داره وعبده في المساكين جاز ولا يجوز ذلك في السكنى والخدمة الا لإنسان معلوم لان الغلة عين مال يتصدق به وهذا وصية بالتصدق على المساكين فأما السكنى والخدمة لا يتصدق بهما بل تعار العين لأجلهما والإعارة لا تكون الا من انسان معلوم ثم المساكين محتاجون إلى ما يسد خلتهم ويحصل ذلك لهم بالغلة وقل ما يحتاجون إلى الخدمة والسكنى وقبل أن ينبغي أن يجوزا على قياس من يجيز الوقف فان هذا في معنى وقف على المساكين ومن أوصى بظهر دابته لإنسان معلوم يركبها في حاجته ما عاش فهو جائز لأنه وصية بالإعارة منه ولو أوصى بظهرها للمساكين أو في سبيل الله تعالى كان باطلا في قول أبي حنيفة وأبى يوسف وقال محمد هو جائز وهذا لان من أصل أبي حنيفة ان
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 » »»
الفهرست