المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٧٧
لا يبطله كالتمليك بالبيع والهبة وبان كان يبطل الإرث لا يستدل على أنه يبطل الوصية كالرق واختلاف الدين فإنه ينفى التوريث ولا يمنع الوصية والفرق للشافعي من وجهين أحدهما انه إن كان الجرح بعد الوصية فالظاهر أن الموصى نادم على وصيته راجع عنها وإذا كانت الوصية بعد الجرح فلم يوجد بعد الوصية ما يدل على الرجوع عنها بل الظاهر أنه قصد الانتداب إلى ما ندب إليه وهو مقابلة السيئة بالاحسان والثاني انه إذا جرحه بعد الوصية فالموصى له قصد الاستعجال بفعل محظور فيعاقب بالحرمان كالميراث فأما إذا أوصى له بعد الجراحة فلم يتوهم قصد الاستعجال في تلك الجراحة ولا بعد الوصية فبقيت الوصية على حالها وجه قولنا ظاهر قوله عليه السلام ليس للقاتل شئ ويدخل الوصية والميراث جميعا في عموم هذا اللفظ وقال ولا وصية لقاتل ولان الملك بالوصية يثبت بعد الموت فيكون معتبرا بالملك الثابت بالميراث ولا فرق بينهما في المعنى لان بطلان الوصية للوارث لدفع المغايظة عن سائر الورثة وبطلان الوصية للقاتل لهذا المعنى أيضا فإنه يغيظهم أن يقاسمهم قاتل أبيهم تركة أبيهم بسبب الإرث أو بسبب الوصية وفي هذا المعنى لا فرق بين أن تتقدم الوصية على الجرح أو تتأخر عنه وبه فارق الرق والكفر فان الحرمان بهما لانعدام الأهلية للولاية لا لدفع المغايظة عن سائر الورثة ولا معتبر بالأهلية للولاية في الوصية وبخلاف سائر عقود التمليكات لأنها لا تشابه الإرث صورة ولا معنى وكذلك لو كان القاتل وارثا فأوصى لله له لم تجز الوصية وهذا تجوز في العبارة فان القاتل لا يكون وارثا وإن كان وارثا كالصبي والمعتوه والوصية لمثل هذا القاتل تصح ثم الوجه فيه أنه اجتمع فيه وصفان كل واحد منهما بانفراده يجزئ الوصية فاجتماعهما أولى فان أجازت الورثة الوصية للقاتل جازت في قول أبي حنيفة ومحمد ولم تجز في قول أبى يوسف ذكر قوله في الزيادات لان الوصية أخت الميراث ولا ميراث للقاتل وان أوصى به الورثة فكذلك الوصية وهذا لان الحرمان كان بطريق العقوبة حقا للشرع فلا يتغير ذلك بوجود الرضى من الورثة والدليل عليه انه لو أوصى لحربي في دار الحرب لم تجز الوصية لتباين الدارين وان أجازت الورثة وإنما امتنعت الوصية للحربي لكونه محاربا حكما والقاتل محارب له حقيقة فلأن لا تنفذ الوصية له بإجازة الورثة كان أولى وجه قولهما ان الوصية للقاتل أقرب إلى الجواز من الوصية للوارث لان الامر في نفس الوصية للوارث مشهور وفي نفس الوصية للقاتل مسبور و العلماء اتفقوا على أن لا وصية للوارث واختلفوا في جواز الوصية للقاتل ثم بإجازة الورثة تنفيذ الوصية
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست