المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٥٦
والاحسان وايتاء ذي القربى وقال جل وعلا وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فلما كان مأمورا بصلة القرابة وإنما تجب الصلة ممن كان ذا رحم محرم منه فانصرفت الوصية إليه دون غيره لان القرابة المطلقة قرابة ذي الرحم المحرم لاختصاصها باحكام مخصوصة من عدم جواز المناكحة والعتق عند الملك وعدم الرجوع في الهبة ووجوب النفقة عند العشرة فانصرفت الوصية إليه وإنما اعتبر الأقرب فالأقرب لان كل من كان أقرب إليه فهو أشبه بهذا اللفظ فكان أولى كما في العصبات وذوي الأرحام في الميراث والأقرب في الشفعة وجه قول أبي يوسف الأول أنه ينصرف إلى كل ذي رحم محرم منه الأقرب والأبعد منه سواء لأنهم في استحقاق الاسم سواء (ألا ترى) انه لو أوصى لاخوته وله اخوة بعضهم لأب وأم وبعضهم لأب وبعضهم لام أنهم في الوصية سواء ولا يعتبر الأقرب. وجه قوله الاخر وهو قول محمد انه يدخل فيه ذو والرحم المحرم وغير ذي الرحم المحرم ويصرف إلى كل من يجمعه وأباه أقصى أب في الاسلام ان هذا اللفظ في الأبعدين أكثر استعمالا من الأقربين (ألا ترى) انه لا يقال للأخ أو العم هذا قريبي فيدخلون كلهم في الوصية (ألا ترى) إلى ما روى في الخبر لما نزل قوله تعالى وأنذر عشيرتك الأقربين جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرباءه سبعين نفسا وقال لهم اني نذير لكم بين يدي عذاب شديد وكان فيهم ذو رحم محرم وغيره فثبت ان كلهم في الوصية سواء إلا أنه لا يمكن أن يدخل فيه جميع أولاد آدم عليه السلام فيجعل الحد فيه من يجمعه وإياهم أقصى أب في الاسلام لأنه لما ورد الاسلام صارت المعرفة بأهل الاسلام وكان قبل ذلك يعرف بقبائل الجاهلية وهما إنما قالا ذلك في زمانهما لان في ذلك الوقت ربما يبلغ إلى ثلاثة آباء أو أربعة آباء ولا يجاوز ذلك فتتبين أقرباؤه أما في زماننا فلا يمكن أن يعتبر ذلك لان النسبة قد طالت فتقع الوصية لقوم مجهولين فان ترك عمين وخالين وهم ليسوا بورثة فعند أبي حنيفة الوصية للعمين دون الخالين لان العم أقرب من الخال لأنه من قبل الأب بدليل والولاية وعندهما الثلث بينهم بالسوية ولو كان له عم واحد وخالان كان للعم النصف والنصف للخالين عنده لأنه أوصى بلفظ الجمع وهو قوله ذوي وأقل الجمع في الوصية اثنان ويصرف النصف إلى الخالين لأنهما يستحقان اسم القرابة فإذا خرج العم من الوسط صار كأنه لم يترك الا الخالين قال محمد رحمه الله إذا أوصى بثلث ماله لقبيلة دخل الموالي فيه لأنهم ينسبون إلى تلك القبيلة وقد روى عن النبي عليه السلام أنه قال مولي القوم منهم هذا إذا كانوا يحصون
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست