المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٥٤
قصده بأن يأبى الإجازة ولا معتبر بإجازته في حياة الموصى عندنا وقال ابن أبي ليلى تصح اجازته في حياته وليس له أن يرجع بعد وفاته لأنه سقط حقه بالإجازة وبالمرض قد تعلق حقه بماله فيصح اسقاطه وفقه هذا أن حق الوارث إنما يثبت في ماله بالموت ولكن سبب موته المرض فلما أقيم هذا السبب مقام حقيقة الموت في منع المورث من التصرف المبطل لحق الوارث فكذلك قام مقامه في صحة اسقاط الحق من الوارث بالإجازة ولكنا نقول اسقاط الحق قبل وجود السبب لا يجوز ويعتبر المرض بسبب تعلق حقه بماله بل السبب مرض الموت ومرض الموت ما يتصل به الموت فقبل؟ اتصال الموت لا يكون سببا وهذا الاتصال موهوم فيكون هذا اسقاط الحق قبل تقرر السبب ثم الإجازة من الوارث إنما تعمل لوجود دليل الرضى منه بتصرف المريض واجازته في حياة الموصى لا تدل على ذلك بل الظاهر أنه احتشم المورث فلم يجاهره بالرد من غير أن يكون راضيا بوصيته بخلاف ما إذا أجازه بعد الموت وفي الإجازة بعد الموت إن لم يكن الوارث من أهله بان كان صغيرا فهو باطل أيضا لأنه اسقاط الحق بطريق التبرع فأما إذا كان كبيرا فاجازته صحيحة ويسلم المال للموصى له بطريق الوصية من الموصى عندنا وعند الشافعي صحيحة بطريق التمليك من الوارث ابتداء منه حتى لا يتم الا بالقبض على قوله وعندنا يتم من غير قبض الموصى له والشيوع لا يمنع صحة الإجازة وليس للوارث أن يرجع فيه. وجه قوله أن ينفس الموت قد صار قدر الثلثين من المال ملكا للوارث لان الميراث يثبت من غير قبول الوارث ولا يرتد بالرد فاجازته تكون اخراجا للمال عن ملكه بغير عوض وهذا فيه لا يتم الا بالقبض كما لو أوصى بمال جاره فأجازه الجار بعد موته ولكنا نقول تصرف الموصى صادف ملكه وامتنع نفوذه بقيام حقه الغير فيه إجازة من له الحق تكون اسقاطا كإجازة المرتهن بيع الراهن وكذلك أن أجازوا وصية الوارث ولو أوصى بألف درهم من مال رجل أو بعبد أو ثوب فأجاز ذلك الرجل قبل موته أو بعده فله أن يرجع عنه ما لم يدفعه إلى الموصى له فإذا دفعه إليه جاز لان وصيته من مال غيره بمنزلة الهبة كأنه وهب مال غير فلا يصح إلى بالتسليم والقبض كما لو وهب مال نفسه بخلاف الوصية من مال نفسه بأكثر من الثلث لأنه أوصى بمال نفسه إلا أنه لم ينفذ لحق الورثة فإذا أجازوا فقد أبطلوا حقهم وجاز من قبل الوصي جواز الوصية فلم يكن التسليم من شرط صحتها وجوازها وإذا أوصى الرجل لرجل بعبد ولاخر بثوب ولاخر بدار والثلث يبلغ ألف درهم والوصية تبلغ
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست