المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٧٣
في حقوقهم لحاجة صاحب الحق إلى ذلك فقد يكون عاجزا عن اثبات حقه بنفسه والغلط متى وقع في الاثبات أمكن تداركه سواء كان الثابت القصاص أو المال وبه فارق الاستيفاء فان هناك إذا وقع الغلط فيه لا يمكن تداركه وتلافيه ولهذا لم يجز التوكيل فيه حال غيبة الموكل فأما إذا وكل باستيفاء القود فليس للوكيل أن يستوفى الا بمحضر من الموكل عندنا وقال الشافعي له أن يستوفى بغير محضر منه لأنه محض حقه ويدخله النيابة في الاستيفاء فيكون بمنزلة المال ولكنا نقول القصاص عقوبة تندرئ بالشبهات فلا يجوز استيفاؤها مع الشبهة ويجوز في استيفاء الوكيل مع غيبة الموكل وقد تتمكن شبهة العفو لجواز أن يكون الموكل عفا والوكيل لا يعلمه بذلك ومتى وقع الغلط في الاستيفاء لا يمكن تداركه فاما إذا كان الموكل حاضرا فشبهة العفو تنعدم بحضوره وقد تمس الحاجة إلى ذلك فمن الناس من لا يهتدى إلي القتل ومنهم من لا يتجاسر عليه فللحاجة جوزنا التوكيل بالاستيفاء عند حضرة الموكل والقصاص فيما دون النفس كالقصاص في النفس في ذلك وإذا أقر وكيل الطالب عند القاضي ان صاحبه يطلب باطلا أو انه قد عفا صح اقراره بأنه قد عفا لان الوكيل في مجلس الحكم قام مقام الموكل في الاقرار بعد صحة الوكالة وكذلك وكيل المطلوب لو أقر بوجوب القصاص علي صاحبه ففي القياس يصح اقراره لقيامه مقام موكله في الاقرار في مجلس الحكم ولكنا نستحسن فلا نوجب القود على الموكل باقرار الوكيل لان الاقرار في الحقيقة صد الخصومة ونحن وان حملنا مطلق التوكيل على الجواب الذي هو خصومته مجازا فتبقي الحقيقة شبهة والقصاص يسقط به ففي اقرار وكيل الطالب اسقاط القود وذلك لا يندرئ بالشبهات وفي اقرار وكيل المطلوب ايجاب القود وذلك يندرئ بالشبهات ولا ينبغي للقاضي أن يمضى القضاء بالقود الا بحضرة الورثة كلهم إذا كانوا بالغين لتمكن شبهة العفو والصلح لمن هو غائب منهم فان مات أحد الورثة والقاتل وارثه بطل القود عليه لأنه تحول إليه نصيب مورثه من القود فيسقط عنه إذ الانسان كما لا يجب له القصاص على نفسه لا ينفى وعليه حصة سائر الورثة من الدية لأنه تعذر عليهم استيفاء حقهم لمعنى في القاتل وهو أنه حيى بعض نفسه فهو كما لو عفا أحد الشركاء وإن كان ورثه ابن القاتل بطل القود أيضا لان الابن كما لا يستوجب القصاص على أبيه ابتداء لا يبقى له علي أبيه قصاص لأنه لا يتمكن من استيفائه بحال ولكن عليه الدية لجميع الورثة فان نصيب الابن هاهنا يتحول إلى الدية كنصيب سائر الورثة لأنه من أهل أن يستوجب المال على أبيه ويستوفيه والوكالة في
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست