المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٧٥
إن شئت وقال واضربه ضربة كما ضربني وفي رواية وإياك والمثلة فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة ولو بالكلب العقور ولا يقال إنما قتله لأنه كان مريدا مستحلا لقتله امام المسلمين على ما روى أنه قتله وهو يتلو قوله تعالى ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله لأنه وإن كان امام المسلمين وكان قتله ذنبا عظيما فلا يصير به القاتل مرتدا إنما ذلك للأنبياء خاصة واستحلاله كان بالتأويل فإنه كان من جملة أهل البغي وهم يستحلون دماء أهل العدل وأموالهم (ألا ترى) أنه علقه عتبة فقال اقتله إن شئت أخره إلى ما بعد موته ولو كان مرتدا لما أخر على قتله ولا يقال قتله حد السعي في الأرض بالفساد حتى قتل امام المسلمين لان الساعي بالفساد بقتل الامام لا يقتل قصاصا (ألا ترى) أنه اعتبر المماثلة بقوله فاضربه ضربة كما ضربني وقد ذكر المزني عن الشافعي قال قتل ابن ملجم عليا متأولا فأقيد به فدل أنه قتل قصاصا ولا يقال قتله بغير رضا الكبار من ورثته فقد قال له الحسين لا تقتله بيننا فانا لا نجعله سواء بيننا وبالاتفاق عند إباء بعض الكبار ولى للبعض حق الاستيفاء وروى أنه مثل به مع نهى على إياه عن المثلة فبه تبين أنه ما قتله قصاصا وهذا لان الحسين رضي الله عنه إنما قال ما قال على وجه الإهانة والاستخفاف به لا على وجه كراهة قتله قصاصا والمثلة ما كانت عن قصد من الحسن ولكنه لما رفع السيف ليضربه أبقاه بيده فأصاب السيف أصابعه وبهذا لا يخرج من أن يكون قتله إياه استيفاء للقصاص والمعنى فيه أن حق الكبير ثابت في استيفاء جميع القصاص وليس في استيفائه شبهة عفو متحقق فيتمكن منه كما لو كان الوارث واحدا وإنما قلنا ذلك لان القصاص يجب للورثة على سبيل الخلافة عن المورث فان وجوبه بعد موت المقتول وقد خرج المقتول من أن يكون أهلا لوجوب الحق له بعد موته الا ان ما يحصل فيه مقصوده من قضاء الدين و تنفيذ الوصية يجعل كالواجب له حكما وهو الدية فأما ما لم يحصل به مقصود المقتول فيجعل واجبا للوارث الذي هو قائم مقامه والمقصود بالقود تشفى الغيظ ودفع سبب الهلاك عن نفسه وذلك يحصل للوارث فعرفنا أنه يجب له ولكن على سبيل الخلافة لان السبب انعقد على حق الميت وقد خرج عن ثبوت الحكم من أن يكون أهلا للوجوب له فيجب للولي القائم مقامه كما يثبت الملك للمولى في كسب العبد اثباتا على سبيل الخلافة عن العبد ولهذا قلنا إذا انقلب مالا ثبت فيه حق الميت لان قضاء حوائجه يحصل به وهو بمنزلة الموصي له بالثلث لا حق له في القصاص فإذا انقلب مالا يثبت حقه فيه
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست