المبسوط - السرخسي - ج ٢٢ - الصفحة ٨٨
الغرماء في كسبه مقدم على حق المولى ويجوز أن يكون المولى مضاربا وحده في هذا المال لاعتبار حق الغرماء فكذلك يجوز اشتراط عمله مع المضارب ويكونان كالمضاربين في هذا المال ولو كان العبد اشترط عمل نفسه مع المضارب ولا دين عليه فالمضاربة فاسدة لان العبد متصرف لنفسه بحكم انفكاك الحجر عنه فهو كالمالك في هذا المال ويده فيه يد نفسه فاشتراط عمله بعد التخلية بين المضارب والمال فلهذا فسدت المضاربة وللمضارب أجر مثل عمله على العبد لأنه هو الذي استأجره للعمل ولو كان الدافع مكاتبا واشترط أن يعمل مولاه مع المضارب جاز لان المولى من كسب مكاتبه أبعد منه من كسب العبد المديون وهو يجوز أن يكون مضاربا في هذا المال وحده فكذلك مع غيره فان عجز قبل العمل ولا دين عليه فسدت المضاربة لان المال صار مملوكا للمولي وصار بحيث يستحق ربحه بملكه المال وقد بينا أن الفساد الطارئ بعد العقد قبل حصول المقصود به كالمقترن بالعقد فلهذا فسدت المضاربة فان اشتريا بعد ذلك وباعا وربحا فالربح كله لرب المال والأجر للمضارب في عمله لان رب المال لم يستأجره للعمل والمكاتب بالعجز صار عبدا محجورا عليه واستئجار العبد المحجور عليه غيره للعمل في مال مولاه باطل واستئجار المكاتب لو كان صحيحا في حال الكتابة يبطل بعجزه فكيف يثبت حكم الاستئجار بعد عجزه موجبا للأجر عليه ولو كانا اشتريا بالمال جارية ثم عجز المكاتب فباعا الجارية بغلام ثم باعا الغلام بأربعة آلاف درهم فان المولى يستوفى منها رأس ماله وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا لان عجز المكاتب هنا بمنزلة موته أو بمنزلة موت الحر والموت لا يبطل المضاربة ما دام المال عروضا وإنما يبطل إذا صار المال نقدا فهنا كذلك ولو دفع مالا إلى رجل مضاربة بالنصف وأمره أن يعمل فيه برأيه فدفعه المضارب إلى رجل آخر مضاربة على أن يعمل المضارب الأول معه وللمضارب الآخر ربع الربح وللأول ربعه ولرب المال نصفه فالمضاربة فاسدة لان المضارب الأول في عمله في المال بمنزلة المالك فاشتراط عمله يعدم التخلية بين المال وبين المضارب الآخر وذلك شرط صحة المضاربة الثانية والدليل عليه أن المضارب لا يعاقد نفسه في هذا المال عقد المضاربة وحده فكذلك لا يعاقد غيره على شرط عمله معه فان عملا فللآخر أجر مثله لأنه أوفى عمله بعقد فاسد والربح بين الأول ورب المال على شرطهما والوضيعة على رب المال لان المضارب الآخر أجير للأول إجارة فاسدة ولو استأجره إجارة صحيحة للعمل في المال كان يعطى أجره من المال والربح بين المضارب ورب
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الغصب في الرهن 2
2 باب جناية الرهن في الحفر 9
3 كتاب المضاربة 17
4 باب اشتراط بعض الربح لغيرهما 29
5 باب المضاربة بالعروض 33
6 باب ما يجوز للمضارب في المضاربة 38
7 باب شراء المضارب وبيعه 48
8 باب نفقة المضارب 62
9 باب المرابحة في المضاربة 73
10 باب الاختلاف بين المضارب ورب المال 79
11 باب المضارب يبيع المال ثم يشتر به لنفسه بأقل من ذلك 81
12 باب عمل رب المال مع المضارب 83
13 باب المضارب يدفع المال مضاربة 98
14 باب قسمة رب المال والمضارب 105
15 باب عتق المضارب ودعواه الحط 109
16 باب جناية العبد في المضاربة والجناية عليه 118
17 باب ما يجوز للمضارب أن يفعله وما لا يجوز 122
18 باب مضاربة أهل الكفر 125
19 باب الشركة في المضاربة 131
20 باب اقرار المضارب بالمضاربة في المرض 140
21 باب الشفعة في المضاربة 145
22 باب الشروط في المضاربة 149
23 باب المرابحة بين المضارب ورب المال 153
24 باب ضمان المضارب 157
25 باب المرابحة في المضاربة بين المضاربين 158
26 باب دعوى المضارب ورب المال 163
27 باب ضياع مال المضاربة قبل الشراء أو بعده 168
28 باب المضارب يأمره رب المال بالاستدانة على المضاربة 178
29 باب الشهادة في المضاربة 185