المبسوط - السرخسي - ج ٢٢ - الصفحة ٨٤
وإنما قلنا ذلك لان من حكم المضاربة أن يكون رأس المال أمانة في يد المضارب ولا يتحقق ذلك الا بان يخلى رب المال بينه وبين المال كالوديعة وإذا اشترط عمل نفسه معه تنعدم هذه التخلية لان المال في أيديهما يعملان فيه * يوضحه أن المضاربة فارقت الشركة في الاسم فينبغي أن تفارقها في الحكم وشرط العمل عليهما من حكم الشركة فلو جوزنا ذلك في المضاربة لاستوت المضاربة والشركة في العمل وشرط الربح فلا يبقى لاختصاص المضاربة بهذا الاسم فائدة وإذا أخرج الرجل من ماله ألف درهم وقال لرجل اعمل بهذه مضاربة فاشتر بها وبع على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شئ فهو بيننا نصفان ولم يدفع إليه المال مضاربة فالمضاربة فاسدة لان المال غير مدفوع إلى المضارب وقد بينا أن من شرط المضاربة دفع المال إلى المضارب ليكون أمانة في يده فبقي هذا استئجارا على البيع والشراء بأجرة مجهولة فإذا تصرف كان الربح كله لرب المال والوضيعة عليه وللعامل أجر مثله فيما عمل ولو دفع المال إليه على أن يعمل به المضارب وعبد رب المال على أن لرب المال نصف الربح وللمضارب والعبد نصف الربح فهذه مضاربة جائزة والربح على ما اشترطا سواء كان على العبد دين أولم يكن لان عبد رب المال في حكم المضاربة كعبد أجنبي اخر (ألا ترى) ان لرب المال ان يدفع ماله إليه مضاربة فما هو شرط المضاربة يوجد مع اشتراط عمل رب المال وهو التخلية بين المضارب والمال بخلاف شرط عمل رب المال فإنه لا يدفع المال إلى نفسه مضاربة وهذا لان للعبد يدا معتبرة في كسبه وليست يده بيد رب المال فيتحقق خروج المال من يد رب المال مع اشتراط عمل عبده وإذا ثبت هذا في عبده فهو في مكاتبه وابنه وأبيه أظهر ولو اشترط أن يعمل معه شريك مفاوض لرب المال فالمضاربة فاسدة لان المفاوضين فيما بينهما من المال كشخص واحد فكل واحد منهما إنما يستحق الربح الحاصل بعمل المضارب بملكه رأس المال فاشتراط عمل شريكه كاشتراط عمل نفسه لان بهذا الشرط تبقى المرابحة لمالك المالك مع المضارب في اليد فتنعدم به التخلية وإن كان شركة عنان فإن كان المال من شركتهما فالمضاربة فاسدة لان كل واحد منهما يستحق الربح بملكه بعض رأس المال وإن لم يكن من شركتهما فهي مضاربة جائزة لان ما ليس من شركتهما ينزل كل واحد منهما من صاحبه منزلة الأجنبي (ألا ترى) أن لا حدهما أن يدفع إلى صاحبه مالا من غير شركتهما مضاربة وإذا دفع الرجل مال ابنه الصغير مضاربة إلى رجل على أن يعمل معه الأب بالمال
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الغصب في الرهن 2
2 باب جناية الرهن في الحفر 9
3 كتاب المضاربة 17
4 باب اشتراط بعض الربح لغيرهما 29
5 باب المضاربة بالعروض 33
6 باب ما يجوز للمضارب في المضاربة 38
7 باب شراء المضارب وبيعه 48
8 باب نفقة المضارب 62
9 باب المرابحة في المضاربة 73
10 باب الاختلاف بين المضارب ورب المال 79
11 باب المضارب يبيع المال ثم يشتر به لنفسه بأقل من ذلك 81
12 باب عمل رب المال مع المضارب 83
13 باب المضارب يدفع المال مضاربة 98
14 باب قسمة رب المال والمضارب 105
15 باب عتق المضارب ودعواه الحط 109
16 باب جناية العبد في المضاربة والجناية عليه 118
17 باب ما يجوز للمضارب أن يفعله وما لا يجوز 122
18 باب مضاربة أهل الكفر 125
19 باب الشركة في المضاربة 131
20 باب اقرار المضارب بالمضاربة في المرض 140
21 باب الشفعة في المضاربة 145
22 باب الشروط في المضاربة 149
23 باب المرابحة بين المضارب ورب المال 153
24 باب ضمان المضارب 157
25 باب المرابحة في المضاربة بين المضاربين 158
26 باب دعوى المضارب ورب المال 163
27 باب ضياع مال المضاربة قبل الشراء أو بعده 168
28 باب المضارب يأمره رب المال بالاستدانة على المضاربة 178
29 باب الشهادة في المضاربة 185