بطلت المضاربة كان هو في التصرف غاصبا ضامنا لرب المال رأس ماله ولو أن الحربي دخل بالمال دار الحرب فاشترى به وباع هناك فهو له ولا ضمان عليه لأنه صار مستوليا على المال حين دخل دار الحرب بغير إذن رب المال وتم احرازه لها فيكون متملكا متصرفا فيه لنفسه وبعد الاسلام هو غير ضامن لما يملكه على المسلم بالاستيلاء وإن كان رب المال أذن له في أن يدخل دار الحرب فيشترى به ويبيع هناك فانى أستحسن أن أجيز ذلك على المضاربة وأجعل الربح بينهما على ما اشترطا ان أسلم أهل الدار ورجع المضارب إلى دار الاسلام مسلما أو معاهدا أو بأمان وفي القياس هو متصرف لنفسه لان المنافى للمضاربة قد تحقق برجوعه إلى دار الحرب وإن كان باذن رب المال بعد تحقق المنافى لا يمكن تنفيذ تصرفه على المضاربة فيكون متصرفا لنفسه بطريق الاستيلاء على المال ووجه الاستحسان أنه ما دخل دار الحرب الا ممتثلا أمر رب المال ولا يكون مستوليا على ماله فيما يكون ممتثلا فيه أمره وإذا انعدم الاستيلاء كان تصرفه في دار الحرب وفي دار الاسلام سواء (ألا ترى) أن رب المال لو بعث بماله إليه ليتصرف فيه له جاز وتكون الوديعة في ذلك التصرف على رب المال والربح له فكذلك إذا أدخله مع نفسه باذن رب المال وان ظهر المسلمون على تلك الدار والمال في يد المضارب فربح فيه واشترى عرضا فيه فضل أولا فضل فيه قال رب المال يستوفى من المضاربة رأس ماله وحصته من الربح وما بقي فهو فئ للمسلمين لان الباقي حصة الحربي والحربي صار فيأ بجميع أمواله فاما قدر رأس المال وحصته من الربح فهو حق رب المال ورب المال مسلم ماله مصون عن الاغتنام كنفسه وقيل هذا قول أبي حنيفة فاما عندهما فينبغي أن يكون جميع المال فيأ لأنه مال المسلم في يد الحربي ولا حرمة ليده وأصل الخلاف في مسلم أودع ماله عند حربي في دار الحرب ثم خرج إلى دار الاسلام ثم ظهر المسلمون على الدار فعند أبي حنيفة هذا وما لو أودعه عند مسلم أو ذمي سواء فلا يكون فيأ وعند أبي يوسف ومحمد يد المودع على الوديعة لا تكون أقوى من يده على مال نفسه ويد الحربي على مال نفسه لا تكون دافعة للاغتنام فكذلك يده على الوديعة وإذ دخل الحربيان دار الاسلام بأمان فدفع أحدهما إلى صاحبه مالا مضاربة بالنصف ثم دخل أحدهما دار الحرب لم تنتقض المضاربة لأنهما من أهل دار الحرب والذي بقي منهما في دار الاسلام كأنه في دار الحرب حكما (ألا ترى) انه يتمكن من الرجوع إلى دار الحرب وان زوجته التي في دار الحرب لا تبين منه فانتقاض المضاربة بين المسلم
(١٣٠)