المبسوط - السرخسي - ج ٢١ - الصفحة ١٤
كان قتل عمد فصالح عنه رجل على ألف درهم ولم يضمنها له لم يكن عليه شئ لأنه متبرع بالصلح فلا يلزمه المال الا بالتزامه والتزامه بالضمان أو بإضافة البدل إلى نفسه أو مال نفسه فإذا لم يوجد ذلك توقف على إجازة القاتل ليكون المال عليه إذا أجاز كما في الخلع وإن كان القاتل هو الذي أمره بذلك كان البدل على القاتل لان المصالح معبر عنه (ألا ترى) انه لا يستغنى عن إضافة العقد إليه فهو نظير الخلع ولو صالحه عنه على عبد له ولم يضمن له خلاصه جاز لإضافة الصلح إلى مال نفسه وقدرته على تسليم بدل الصلح فان استحق العبد لم يرجع عليه بشئ لأنه ما ضمن له شيئا التزمه في ذمته وإنما التزم تسليم العين فيكون حكم الالتزام مقصورا على العين في حقه فإذا عجز عن تسليمه بالاستحقاق لم يلزمه شئ ولكن يرجع على القاتل بقيمته إن كان أمره بذلك لان عند استحقاق العين بدل الصلح هو القيمة دينا فيكون على الامر دون المأمور كالألف المسمى وإن كان المصالح تبرع بالصلح عليه وضمن له خلاصه ثم استحق رجع عليه بقيمته لأنه صير نفسه زعيما والزعيم غارم وعند الاستحقاق بدل الصلح قيمته وقد ضمنه فيكون مطالبا بايفائه كما لو صالحه على ألف درهم وضمنها له فان قيل كيف يضمن القيمة وهو إنما ضمن له خلاص العبد قلنا التزامه بالضمان إنما يصح باعتبار وسعه والذي في وسعه خلاص المالية بتسليم العين إن أمكن أو بتسليم قيمته ان استحق وهو نظير الخلع في جميع ما ذكرنا وللأب أن يصالح عن دم عمد واجب لابنه الصغير أو المعتوه على الدية لأنه متمكن من استيفاء القود الواجب لولده في النفس وما دون النفس كهو في حق نفسه لان الولد جزء منه وولايته عليه فيما يرجع إلى استيفاء حقه ولاية كاملة تعم المال والنفس جميعا بمنزلة ولايته على نفسه فإذا جاز له أن يستوفى القود جاز صلحه بطريق الأولى لان المقصود باستيفاء القود تشفى الغيظ وذلك يحصل للصبي في الثاني إذا عقل وإذا صالح على الدية تصل إليه منفعة في الحال ثم هو بالصلح يجعل ما ليس بمال من حقه مالا فيتمحض تصرفه نظير الصبي وان حط عنه شيئا من الدية لم يجز ما حط قل ذلك أو كثر لأنه فيما حط مسقط لحقه غير مستوف له ولاية الاستيفاء في حق الصغير وهذا بخلاف البيع فإنه لو باع ماله بغبن يسير جاز لان البدل في البيع غير مقدر شرعا والقيمة تعرف بالحزر والظن والمقومون يختلفون فيها ففي الغبن اليسير لا يتيقن بترك النظر فيه باسقاط شئ من حقه وهنا الدية مقدرة شرعا فإذا نقص عن المقدر شرعا فقد أسقط من حقه شيئا تيقن وذلك غير صحيح منه فعلى القاتل تمام الدية قال وكذلك الوصي
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست