منه الخدمة ببعض ما ذكرنا لم يجز لأن الشراء لفظ خاص وضع لتمليك مال بمال والموصي له بالخدمة لا يملك تمليكه من الوارث بخلاف لفظ الصلح (ألا ترى) أن المدعى عليه بعد الانكار لو صالح المدعى على شئ لم يصر به مقرا حتى إذا استحق عاد على رأس الدعوى ولو اشترى منه المدعى صار مقرا له بالملك حتى لو استحق البدل لرجع بالمدعي ولو قال أعطيك هذه الدار مكان خدمتك أو عوضا عن خدمتك أو بدلا من خدمتك أو مقاصة بخدمتك أو على أن تترك خدمتك كان جائزا لأنه ذكر معنى الصلح وتصحيحه بطريق اسقاط الحق ممكن من الوجه الذي قلنا في الصلح ولو قال أهب لك هذه الدار على أن تهب لي خدمتك كان جائزا إذا قبض الدراهم لان لفظة الهبة في معنى لفظ الصلح حتى يستعمل في الاسقاطات كما في التمليكات بخلاف لفظ البيع (ألا ترى) أن هبة المبيع من البائع قبل القبض يكون إقالة إذا قبله البائع بخلاف البيع وقد طعن بعض مشايخنا رحمهم الله في هذا الفصل فقال الهبة بشرط العوض تتم تبعا فتصير عند القبض بمنزلة ما لو صرحا بلفظ البيع وقد بينا أن ذلك لا يجوز وكما يستعمل الهبة في الاسقاطات مجازا فكذلك البيع (ألا ترى) انه يبيع العبد من نفسه ويبيع المرأة من نفسها ويكون ذلك اسقاطا بعوض بعبارة البيع ولكنا نقول الهبة بشرط العوض يثبت فيها حكم البيع ولا يعتبر لفظة البيع والبطلان هنا باعتبار لفظ البيع ولكنا نقول لا يحكم بالبيع لان موضوعه لفظ خاص بتمليك مال والثاني أن لفظ الهبة إنما يعتبر بيعا بالتقابض من الجانبين وذلك غير متحقق هنا فالقبض لا يجرى من الوراث للخدمة هنا في الحال ولا فيما بعده لأنا لو صححنا هنا بطريق الاسقاط والمسقط بلا شئ فلا يتصور القبض فيه ليصير به بيعا ولو كان الوارث اثنين فصالحه أحدهما وصرحا بتمليك الخدمة منه بعوض ولا يمكن تصحيحه اسقاطا ولكنه بمنزلة الإجارة والموصى له بالخدمة لا يؤاجر من الوارث ولا من غيره وإنما استحسنا إذا كان جميع الورثة لان الخدمة تبطل ويصير العبد بينهم على الميراث وهو إشارة إلى طريق اسقاط الحق بقبض كما بينا ولو باع الورثة العبد فأجاز صاحب الخدمة البيع بطلت خدمته ولم يكن له في الثمن حق لان حقه في الخدمة لا يكون أقوى من حق المستأجر والبيع ينفذ من المالك برضا المستأجر ولا يثبت حق المستأجر في الثمن فهذا مثله وهذا بخلاف حق المرتهن فإنه يثبت في الثمن إذا نفذ بيع الراهن برضاه لان حق الموصى له في المنفعة والثمن بدل العين دون المنفعة وحق المرتهن في العين لان موجب عقد
(٣)