المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ٨٥
فالمستصنع فيه مبيع عين) ولهذا يثبت فيه خيار الرؤية والعمل مشروط فيه وهذا لان هذا النوع من العمل اختص باسم فلا بد من اختصاصه بمعنى يقتضيه ذلك الاسم ولاستصناع استفعال من الصنع فعرفنا أن العمل مشروطا فيه ثم أحكام ما للناس فيه تعامل من الاستصناع قد بيناه في شرح البيوع فبذلك بدأ الباب هنا وبين الفرق بينه وبين ما إذا أسلم حديدا إلى حداد ليصنعه اناء مسمى باجر مسمى فإنه جائز ولا خيار له فيه إذا كان مثل ما سمى لان ثبوت الخيار للفسخ حتى يعود إليه رأس ماله فيندفع الضرر به وذلك لا يتأتى هنا فان بعد اتصال عمله بالحديد لا وجه لفسخ العقد فيه فاما في الاستصناع المعقود عليه العين وفسخ العقد فيه ممكن فلهذا ثبت خيار الرؤية فيه ولان الحداد هنا يلتزم العمل بالعقد في ذمته ولا يثبت خيار الرؤية فيما يكون محله الذمة كالمسلم فيه فأما في الاستصناع المقصود هو العين والعقد يرد عليه حتى لو صار دينا بذكر الاجل عند أبي حنيفة رحمه الله لم يثبت فيه خيار الرؤية بعد ذلك وان أفسده الحداد فله أن يضمنه حديدا مثل حديده ويصير الاناء للعامل وان شاء رضى به وأعطاه الاجر لان العامل مخالف له من وجه حيث أفسد عمله وموافق من وجه وهو إقامة أصل العمل وان شاء مال إلى جهة الخلاف وجعله كالغاصب ومن غصب حديدا وضربه اناء فهو ضامن حديدا مثله والاناء له بالضمان وان شاء مال إلى جهة الوفاق ورضى به متغير الصفة فأخذ الاناء وأعطاه الاجر كالمشترى إذا وجد بالبيع عيبا إلا أنه يعطيه أجر مثله لا يجاوز به المسمى لأنه إنما التزم جميع المسمى بمقابلة عمل صالح ولم يأت به ولكن قدر ما أقام من العمل سلم له بحكم العقد فعليه أجر المثل ولا يجاوز به المسمى لان المنفعة إنما تتقوم بالعقد والتسمية ولم يوجد ذلك فيما زاد على المسمى ولأنه لما رضى بالمسمى بمقابلة عمل صالح يكون أرضى به بمقابلة عمل فاسد وهذا بخلاف المشترى فإنه لو رضى بالعيب يلزمه جميع الثمن لان الثمن بمقابلة العين دون الأوصاف والفائت بالعيب وصف وهنا البدل بمقابلة العمل المشروط وبالافساد ينعدم ذلك العمل فلهذا لا يلزمه جميع المسمى وان رضى به وكذلك كل ما يسلمه إلى عامل ليصنع له شيئا مسمى كالجلد يسلمه إلى الإسكاف ليصنعه خفين والغزل يسلمه إلى حائك لينسجه فلو استصنع عند حائك ثوبا موصوف الطول والعرض والرفعة والجنس ينسجه من غزل الحائك كان هذا في القياس مثل الخف وغيره يريد به قياس الاستحسان في مسألة الخف ولكن هذا لا يعمل به الناس وإنما جوزنا الاستصناع فيما فيه
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست