المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ١٧٧
أن يركب مع فلان يشيعه فحبسها من غدوة إلى انتصاف النهار ثم بدا للرجل أن لا يخرج فرد الدابة عند الظهر فإن كان حبسها قدر ما يحبس الناس فلا ضمان عليه وان حبسها أكثر من ذلك فهو ضامن لامساكه إياها في غير المكان المشروط إلا أن قدر ما يحبس الناس صار مستثنا له بالعرف ولا أجر عليه في الوجهين لأنه لم يستوف المعقود عليه فالمعقود عليه خطوات الدابة في الطريق ولا يوجد ذلك إذا حبسها في المصرف ولان صاحب الدابة متمكن من أن تسير الدابة معه إلى الطريق وان ركبها بعد الحبس فلا أجر عليه أيضا لأنه صار ضامنا بالخلاف فيكون كالغاصب لا يلزمه الاجر إذا عطبت لاستناد ملكه فيها إلى وقت وجوب الضمان عليه وان تكارى دابة بغير عينها إلى حلوان فنتجت في الطريق وضعفت من حمل الرجل لأجل الولادة فعلى المكارى أن يأتي بدابة أخرى تحمله ومتاعه لأنه التزم بالعقد العمل في ذمته فعليه الوفاء بما التزم (ألا ترى) أن هذه الدابة لو هلكت كان عليه أن يأتي بأخرى فكذلك إذا ضعفت إلا أن يكون الكراء وقع على هذه بعينها فحينئذ المعقود عليه منافعها ولا يتأنى استيفاء ذلك من دابة أخرى بل يكون عذرا في فسخ الإجارة وان تكارى ثلاث دواب ثم إن رب الدواب أجر دابة من غيره وأعار أخرى ووهب أخرى أو باع فوجد المستكرى الدواب في أيديهم فإن كان باع من عذر فبيعه جائز وانتقصت الإجارة على رواية هذا الكتاب وقد بيناه وان باع من غير عذر فالبيع مردود والمستكرى أحق بالدواب لتقدم عقده وثبوت استحقاق المنافع له واليد في العين بذلك العقد إلا أن ما وجده في يد المستعير فلا خصومة بينهما حتى يحضر رب الدواب لان يد المستعير ليس بيد الخصومة وما وجده في يد الموهوب له فهو خصم فيها لأنه يدعى ملك عينها فيكون خصما لمن يدعي حقا فيها وأما الإجارة فالمستأجر أحق بها حتى يستوفي الإجارة وهذا جواب مبهم فإنه لم يبين أي المستأجرين أحق بها فمن أصحابنا رحمهم الله من يقول مراده الأول والثاني يكون خصما له لان الأول يدعى ما يزعم الثاني أنه له فيكون خصما له في ملكه ولكن الأصح أن المستأجر الثاني لا يكون خصما للأول حتى يحضر رب الدابة بمنزلة المستعير لأنه لا يدعى ملك عينها لنفسه ولو تكارى غلاما ودابة إلى البصرة بعشرة دراهم ذاهبا وجائيا وقد شرط لهم درهما إلى الكوفة فأبق الغلام ونفقت الدابة فعليه من الاجر بحساب ما أصاب من خدمة الغلام وركوب الدابة لأنه استوفى المعقود عليه بذلك القدر ثم انعدم تمكنه من استيفاء ما بقي بالهلال والإباق وقد
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست