ينفك عن قصد العوض * فإن كان المولى والعبد كل واحد منهما ذا رحم محرم منه بان كان أخوه لأبيه عبدا لأخيه لامه فقد ذكر الكرخي عن محمد رحمه الله ان في قياس قول أبي حنيفة رضي الله عنه أن لا يرجع فيه أيضا لأنه لا معتبر بقرابه العبد في المنع من الرجوع بدليل الفصل الأول فكان هذا وما لو كان العبد أجنبيا سواء كان أبو جعفر الهندواني رحمه الله يقول لا يرجع هنا وهو الصحيح عندنا لأنا علمنا أنه لم يقصد العوض بهذا العقد فان تخصيصه هذا العبد من بين عبيد مولاه دليل على أنه قصد صلة الرحم دون العوض وكذلك تخصيصه عند هذا المولى دليل على أنه قصد صلة رحم مولاه فسواء اعتبرنا العقد أو الملك أو اعتبرنا هما فالمقصود صلة الرحم دون العوض. قال (حربي دخل علينا بأمان وله عندنا أخ مسلم فوهب أحدهما لصاحبه شيئا وسلمه فلا رجوع له فيه) لان المقصود لا يختلف بكون أحدهما مسلما أو مستأمنا ولان الرحم مع المحرمية مانع من الرجوع في الهبة كما أنه موجب العتق عند دخوله في ملكه ويستوى في ذلك المستأمن والذمي والمسلم فكذلك في حق الرجوع فإن لم يقبض الموهوب له حتى رجع الحربي إلى دار الحرب بطلت الهبة لان رجوعه إلى دار الحرب حربيا كموته فان من في دار الحرب في حق من هو في دار الاسلام كالميت وموت الموهوب له قبل القبض يبطل الهبة وكذلك أن كان الحربي هو الواهب فقد بطلت الهبة وبقي المال على ملكه فيوقف حتى يحضر هو أو نائبه فيأخذ ولا يبعث به إلي دار الحرب بمنزلة مال خلفه في دارنا وهذا لبقاء حكم الأمان في المال الذي خلفه هنا * فإن كان الحربي اذن للمسلم في قبضه وقبضه بعد رجوعه إلى دار الحرب جاز استحسانا وفي القياس لا يجوز لأنه لما صار بمنزلة الميت بطلت الهبة ولا يبقى حكم اذنه في القبض كما لو مات حقيقة بعد الاذن في القبض وهذا لأنه اذن له في قبض متمم للهبة وذلك لا يكون الا مع بقائه حيا حقيقة وحكما. ووجه الاستحسان ان اذنه في القبض باق بعد لحاقه لان ابتداء اذنه في قبض هذا المال بعد لحاقه معتبر فإنه لو أرسل هذا الرجل ليأخذ ماله يجب تسليمه إليه فلان يبقى اذنه كان أولى وإذا بقي اذنه يجعل في الحكم كأنه سلمه إليه بنفسه. وحقيقة الفرق بين هذا والموت الحقيقي أن هناك المال صار حقا لوارثه وليس له اذن معتبر في ملك الغير وهذا المال بقي موقوفا على حقه فكان اذنه فيه معتبرا فلهذا يملك بالقبض باذنه استحسانا. قال (رجل وهب لامرأة هبة ثم تزوجها فله أن يرجع فيها) لأنها لما كانت أجنبية منه حين وهب لها علمنا أن مقصوده العوض ولم
(٦٠)