في بيعه من الأجنبي بقليل القيمة لان ما يستوفى من الثمن يسلمه إلى الآمر قل أو كثر وبه فارق الوكيل بالشراء فهناك التهمة متمكنة فربما اشتراه لنفسه فلما علم بالغبن أراد أن يلزمه الآمر ولان الوكيل بالشراء كما يستوجب الثمن في ذمة نفسه يوجب لنفسه مثله في ذمة الآمر والانسان متهم في حق نفسه فلا يملك أن يلزم ذمة الآمر الثمن ما لم يدخل في ملكه بإزائه ما يعدله ولهذا لو قال اشتريت وقبضت الثمن وهلك في يدي فهات الثمن فإنه لا يقبل قوله بخلاف الوكيل بالبيع فإنه لو قال بعت وقبضت الثمن وهلك عندي كان القول قوله ولان أمره بالشراء يلاقى ملك الغير وليس للانسان ولاية مطلقة في ملك الغير فلا يعتبر اطلاق أمره فيه بخلاف البيع فان أمره يلاقى ملك نفسه وله في ملك نفسه ولاية مطلقة ولان اعتبار العموم والاطلاق في الوكيل بالشراء غير ممكن لأنه لو اعتبر ذلك اشترى ذلك المتاع بجميع ما يملكه الموكل وبما لا يملكه من المال ونحن نعلم أنه لم يقصد ذلك فحملناه على أخص الخصوص وهو الشراء بالنقد بالغبن اليسير وفى جانب البيع اعتبار العموم والاطلاق ممكن لأنه لا يتسلط به علي شئ من ماله سوي المبيع الذي رضى بزوال ملكه وهذا بخلاف الأب والوصي لان ولايتهما مقيدة بالأنظر والأصلح ولا يوجد في البيع بالغبن الفاحش وعلى هذا الخلاف لو باعه الوكيل بعرض يجوز عند أبي حنيفة لاطلاق الآمر ولا يجوز عندهما لان البيع بعرض شراء من وجه فكل واحد منهما في بدل صاحبه مشترى وإنما أمره بالبيع فلا يملك به ما هو متردد بين البيع والشراء وأبو حنيفة يقول فعله فيما يتناوله الآمر بيع من كل وجه لأنه يزيله عن ملكه بعرض هو مال والبيع ليس إلا هذا ثم جانب البيع يترجح علي جانب الشراء في البيع ألا ترى أن أحد المضاربين إذا اشترى بغير إذن صاحبه كان مشتريا لنفسه ولو باع بغير أن صاحبه شيئا من مال المضاربة يتوقف على إجازة صاحبه فان باعه بعرض يتوقف أيضا فان أجاز صاحبه كان تصرفه على المضاربة فعرفنا أن جانب البيع يترجح فيه وعلى هذا لو باعه الوكيل بمكيل أو موزون فعند أبي حنيفة يجوز على الآمر وعندهما لا يجوز إلا أن يبعه بالنقد إذا عرفنا هذا فنقول إذا أسلم الثوب في طعام إلى أجل فقد أزال الثوب عن ملكه بالطعام وذلك جائز علي الآمر عند أبي حنيفة وعندهما لا يجوز لأنه لم يبعه بالنقد والتوكيل الصرف إليه خاصة. قال (وإذا وكله بالسلم فادخل الوكيل في العقد شرطا أفسده لم يضمنه الوكيل لأنه لم يخالف وإنما يضمن الوكيل بالخلاف لا بالافساد)
(٢١٥)