المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٢١٣
يجعل كذلك كان دينا بدين وذلك لا يجوز والدليل عليه أن بعدما نقد الدراهم لو أراد أن يستردها ليعطى غيرها لم يملك كما لو اقترن التعيين بالعقد بأن أضاف العقد إلى دراهم الآمر ثم أراد أن يدفع غيرها ويجعل العقد لنفسه لم يملك ذلك فإذا صار كشئ واحد فهو دليل ظاهر على من وقع العقد له فيجب تحكمه كما في حالة التكاذب يوضحه أنه بعد قبول الوكالة يعقد للموكل بولايته الأصلية كما يعقد لنفسه ولهذا تعلق به حقوق العقد في الوجهين فإذا استوى الجانبان يصار إلى ترجيح أحدهما بالنقد كما يصار إليه عند التكاذب وفرق أبو يوسف بين هذا وبين المأمور بالحج عن الغير إذا أطلق النية عند الاحرام فإنه يكون عاقدا لنفسه فان الحج عبادة والعبادات لا تتأدى الا بالنية فكان مأمورا بأن ينوى عن المحجوج عنه ولم يفعل فصار مخالفا بترك ما هو الركن وأما في المعاملات فالنية ليست بركن فلا يصير بترك النية عن الآمر مخالفا فيبقي حكم عقده موقوفا على النقد. قال (وان وكله بثوب يبيعه بدراهم فأسلمه في طعام إلى أجل فهو عاقد لنفسه) لأنه خالف ما أمره به نصا وان أمره ببيعه ولم يسم له الثمن فأسلمه في طعام جاز على الآمر في قول أبي حنيفة ولم يجز في قولهما وهذه فصول (أحدها) أن الوكيل في البيع مطلقا يبيع بالنقد والنسيئة عندنا وقال الشافعي لا يبيع الا بالنقد لان مطلق التوكيل بالبيع معتبر بمطلق ايجاب البيع ومطلق ايجاب البيع ينصرف إلى الثمن الحال دون النسيئة فكذلك مطلق التوكيل وهذا لان الاجل شرط زائد على ما يتم به العقد فلا يثبت الاذن فيه الا بالتنصيص ولكنا نقول أمره ببيع مطلق فلا يجوز اثبات التقييد فيه من غير دليل والتقييد بالثمن الحال بعدم صفة الاطلاق ولا دلالة عليه في كلامه نصا ولا عرفا فالبيع بالنسيئة معتاد بين التجار كالبيع بالنقد وربما يكون البيع بالنسيئة أقرب إلى تحصيل مقصودهما وهو الربح والدليل عليه ان المضارب والأب والوصي يملكون البيع بالنسيئة وأما مطلق ايجاب البيع فإنما يحمله على النقد لتعذر اعتبار الاطلاق فان البيع يستدعى صفة معينة في الثمن ألا ترى أنه لو قال بعته منك بالنقد والنسيئة لا يجوز وفى التوكيل لا يوجد مثل هذا فالتوكيل صحيح بدون تعيين أحد الوصفين حتى لو قال بعته بالنقد أو بالنسيئة يجوز ثم فيل علي قول أبي حنيفة يجوز بيعه بثمن مؤجل طالت المدة أو قصرت وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله يجوز بأجل متعارف ولو أجله مدة غير متعارفة في مثل تلك السلعة لا يجوز بمنزلة البيع بالغبن الفاحش عندهما وعند أبي يوسف. قال (ان أمره بالبيع على وجه التجارة فله
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست