المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٢١٠
لا يقدر الوكيل على تحصيل مقصود الموكل فيبطل التوكيل فان الوكيل كان عاقدا لنفسه وروى عن أبي يوسف أنه قال ينظر الوكيل إلى لباس الموكل فإذا اشترى الوكيل من جنس لباس الموكل يجوز ويلزم الموكل لأن الظاهر أن الانسان إنما يأمر غيره بشراء الثوب ليلبسه فيعتبر بثيابه فان سمى الموكل ثوبا يهوديا أو غيره جاز لان الجنس صار معلوما وإنما بقيت الجهالة في الصفة ولا تأثير لجهالة الصفة في القعود المبينة على التوسع والوكالة بهذه الصفة فان خالفه الوكيل فأسلم في غيره أو إلى غير الاجل الذي سماه كان عاقدا لنفسه وللموكل أن يضمنه دراهمه فان ضمنه إياها جاز السلم وان ضمنها المسلم إليه بطل السلم لانتقاض قبضه في رأس المال بعد الانتقاص من الأصل. قال (وإذا دفع الوكيل الدراهم سلمها علي ما أمره به الآمر ولم يشهد على المسلم إليه بالاستيفاء ثم جاء المسلم إليه بدراهم زيوف يردها عليه فقال وجدتها فيها فهو مصدق) لأنه ينكر استيفاء حقه فالقول قوله مع يمينه ويقضى له علي الوكيل ببدله ويرجع به الوكيل على الموكل لأنه في تصرفه عامل له فيرجع عليه بما يلحقه بالعهدة وإن كان أشهد عليه بالاستيفاء لم يصدق بعد ذلك علي ادعائه أنه زيف معناه إذا أقر المسلم إليه باستيفاء الجياد أو باستيفاء حقه أو باستيفاء رأس المال فهو مناقض بعد ذلك في دعواه أنه زيوف فلا يسمع بعد ذلك منه ولا تقبل بينته عليه ولا يتوجه اليمين على خصمه فأما إذا أقر باستيفاء الدراهم فاسم الدراهم يتناول الزيوف والجياد فلا يكون منا قضا في قوله وجدتها زيوفا. قال (وإذ وكله بأن يسلم له عشرة دراهم من الدين الذي له عليه في حنطة فأسلمها له فهو عاقد لنفسه حتى يقبض الطعام فيرده إلى الآمر مكان دينه) فحينئذ يسلم للآمر إذا تراضيا عليه في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله هو جائز علي الآمر وكذلك لو أمره أن يصرفها له بدنانير أو يشترى له بها شيئا سماه وجه قولهما أن الدين في ذمة المديون ملك صاحب الدين بدليل أن يطالبه بالتسليم وينفرد باستيفاء جنسه من ماله ويشترى منها شيئا فيجوز فإنما أضاف التوكيل إلى ملكه وذلك صحيح كما لو كانت الدراهم وديعة له في يده أو غصبا فوكله أن يشترى له بها والدليل عليه انه لو عين المسلم إليه بقوله أسلمها في طعام إلي فلان أو عين البائع أو المبيع بقوله اشترى لي بها عبد فلان فإنه يصح فكذلك إذا أطلق لان تسمية من يعامله الوكيل ليس بشرط لصحة الوكالة يوضحه أنه لو قال تصدق بمالي عليك علي المساكين يجوز بمنزلة ما لو قال تصدق به على فلان فكذلك إذا أمره بالشراء به ولأبي حنيفة حرفان (أحدهما) أنه
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست